مصدر الصورة exclusive-mag.com

أتذكر أيام طفولتي التي امتدت أعواماً طويلة في الأردن، واختلفت عن أقراني في هذا الموضوع، فلقد كانت فترة طفولتهم قصيرة نوعاً ما بالمقارنة مع فترة طفولتي، كانت أيام الطفولة مليئة بالمتعة واللعب مع من هم في مثل عمري وأكبر مني وحتى أصغر، كانت تلك الأيام تزخر بأنواع عديدة من العاب اطفال ممتعة ومثيرة للاهتمام.

كنا في تلك الأيام نركض كثيراً من خلال لعب كرة القدم والسلة في ساحة البناية التي كنت أسكن فيها، كنا نقفز في الشمس كثيراً من خلال اللعبة المشهورة باسم «الحجلة» في الأردن، نرسم مستطيلاً بالطول، نقسمه إلى مستطيلات بالعرض ونرمي الحجر داخل المستطيلات ونقفز على قدم واحدة للوصول إلى الحجر والتقاطه والعودة مجدداً إلى مكان وقوفنا وهكذا.

كنا نلعب صيد السمك، والتي تُلعب عن طريق تقسيمنا إلى فريقين وشخص يقف في الوسط ونقوم برمي الكرة بين الفريقين محاولين اصطياد من يقف في الوسط، العاب اطفال فعلاً ممتعة ومفيدة وصحية، حتى أذكر تماماً لم يعاني أحد منا من السمنة، ولم أعاني شخصياً من نقص فيتامين «د» الذي نستمده من أشعة الشمس الذهبية، ولم نعاني من الكسل وقلة الهمة.

كنا حتى نبتكر العاب اطفال عديدة كاللعب بالحبل كمجموعات، ومحاولة بناء أشكال من مجموعة حجر ذات ألوان زاهية، كنا نحاول حتى زراعة بعض البذور في القطن ووضعها على الشباك، نحاول أن نطرز بخيوط ملونة على قطع قماش بعض الأشكال، نستمتع بكل دقيقة من حياتنا ونحن طلقاء نلعب بحرية.

نعم، كان لدي جهاز كمبيوتر في طفولتي، كان في ذلك الوقت كمبيوتر «صخر» وبعدها أحضر لنا أبي وأنا في الصف السادس كمبيوتر أكثر تطوراً، كان اسمه «بينتيوم فور» وقتها كان بالنسبة إلينا شيئاً عظيماً؛ كمبيوتر في منزلنا!

ولكن برأيكم ماذا حصل لي؟ قضيت بعض الأوقات ألعب العاب اطفال على الكمبيوتر، Aladdin  «علاء الدين» وسونيك وغيرها، ولكن لم يحرمني الكمبيوتر من العاب اطفال كنت ألعبها قبل قدوم ضيفنا الجديد والذي تحول من ضيف إلى مقيم دائم وتطور مع الزمن.

في تلك الفترة، قاومت كطفلة وجود الكمبيوتر في منزلنا، وواظبت على اللعب مع صديقاتي في ساحة البناية التي نسكن بها، كنت أنتظر عطلة نهاية الأسبوع للعب، كنت أحاول جاهدة إنهاء كل ما علي من واجبات في المدرسة والتحضير، والاجتهاد من أجل أن أثبت لأسرتي أنني جديرة بالوقت الذي أقضيه في اللعب مع صديقاتي، فلعبي هذا لم يؤثر على إنجازاتي في المدرسة ونشاطاتي اللامنهجية وقراءاتي الخارجية وعلاماتي الدراسية، بل كنت أشعر بطعم حلو لكل ما أقوم به وأحاول جاهدة القيام بكل شيء بطريقة تقترب إلى الكمال (حسب معاييري للكمال)

ومع الأيام كبرت وكبرت طفولتي واختزنتها داخلي، الآن، أنظر صراحة بعين الشفقة إلى الأطفال، حتى ابني، فالكمبيوتر والآيباد والتابلت والتلفزيون… كلها أمور يعتبرها الأطفال من حولنا كالأشياء المسلمة التي يجب أن تتوفر لهم، كيف سيقضون وقتهم من غير اللعب على الكمبيوتر أو الآيباد أو مشاهدة التلفاز!

مع الزمن والتطور التكنولوجي الذي غزا العالم تأثر الأطفال وتحولت الألعاب من العاب اطفال تحتاج إلى النشاط والحركة والصحة إلى العاب اطفال تبقي الطفل جالساً في مكان واحد متمسمراً أمام كمبيوتره أو الآيباد الخاص به، يلعب ألعاباً إلكترونية دون كلل أو ملل، ويقضي ساعات طولة يتابع الرسوم المتحركة التي تبث على قنوات عديدة.

فرق شاسع وفجوة كبيرة بين ما كنا نلعبه من العاب اطفال حركية ونشيطة وبين ما يلعبه أطفالنا اليوم من ألعاب كسولة جسدياً، نعم سيقفز لي أحدهم الآن ويقول «ألعاب الكمبيوتر تنمي العقل وتجعل الطفل يعتاد على استخدام التكنولوجيا منذ نعومة أظافره» صحيح، لا أنكر أن هذه الألعاب يمكن أن نجد فيها جانباً إيجابياً، ولكن «كثرة الشيء تفسد الإفادة منه»

فالجلوس ساعات طويلة والأطفال يتخذون وضعية الجلوس نفسها دون محاولة الحركة بسبب لعبهم على أجهزة الكمبيوتر أو غيرها، يؤثر سلباً في صحتهم البدنية، وحتى أن بعضهم ينتقل من اللعب الذي يمارسه وهو جالس إلى مشاهدة أفلام الأطفال أو الرسوم المتحركة، وبالتالي ينتقل من وضعية جلوس إلى وضعية جلوس أخرى.

اختفت الحركة في معظم ما يقوم به الأطفال، ونشاهد أطفالاً أكثر سمنة، وأكثر ميلاً للكسل من الحركة، اختلفت الطرق التي يلعب بها الأطفال بطريقة ملحوظة وسريعة لدينا، بسبب التطور التكنولوجي والعولمة، وفقدنا الكثير من العاب اطفال كنا نمارسها بشكل يومي في طفولتنا ونستمتع بكل جزئية فيها.

والمضحك، لو قلنا الآن لأطفالنا الْعبوا بطريقتنا التي كنا نلعب بها، سيقولون لنا إن طرق لعبنا كانت مملة وطرق لعبهم هي الأكثر إمتاعاً لهم!