المحتوى الرئيسى

كيف دخل محمد علي باشا قلوب المصريين

أحب محمد علي باشا مصر كثيراً، وكان يراها مطمعاً لكل القوى الاستعمارية، وكان من أهم مقولاته «لن أتحمل أبداً أن تكون مصر إنجليزية، وتركيا روسية».

البدايات:-

دخلت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798، وخرجت منها عام 1801، تاركة خلفها دولة يجتمع عليها الثالوث البغيض، الجهل والفقر والمرض.

واشتد الصراع على أشده بين المماليك والدولة العثمانية، بينما كان الشعب حائراً بين دولة عثمانية مهترئة وعصابة المماليك التي كانت تسرق كل ما تطوله أيدي أفرادها، وتقتل بدم بارد كل من يعترض طريقها.

كان محمد علي خلال تلك الفترة في حامية ألبانية، متوجهة إلى مصر لتقف بجانب إنجلترا في موقعة أبو قير التي هزمت فيها من قبل المستعمر الفرنسي، وخرجت إنجلترا تجر خلفها أذيال الهزيمة، بينما استقر محمد علي في مصر بعد خروج المستعمر الفرنسي.

ووجد محمد علي الدولة المصرية مقسمة إلى جزئين، الأول هم المماليك الذين استوطنوا مصر ويبحثون عن دولتهم الزائلة التي أصبحت في قبضة الدولة العثمانية الضعيفة، فانفردوا بشعبها على أن يتركوا الحكم للدولة العثمانية، ولكن الشارع للمماليك ينهبون الشعب ويستولون على ثرواته.

وكان النهب والسلب والقتل جزاء كل من يعترض طريقهم، وهو سمة هذه السنوات منذ 1801 حتى عام 1805.

أما الجزء الثاني في الدولة، كان الوالي العثماني الذي يعرف حجمه جيداً، فكان لا بد له أن يترك مساحة للمماليك ويتغاضى عن تجاوزاتهم حتى يستمر في الحكم، حتى لا يُقتل أو يُعزل بسبب المؤامرات ودسائس المماليك.

وبين هذا وذاك كان الشعب هو من يدفع الثمن.

علم محمد علي بهذه الأمور وطمع في حكم مصر، وعلم أن حب الناس له هو من سيوصله للحكم، فلم يشارك في نهب المصريين أو سرقتهم أو قتلهم كما يفعل المماليك، بل كان في بعض الأوقات يدافع عنهم، ويرد لهم مظالمهم.

وشدّد على جنوده الألبان بعدم الاشتراك مع المماليك في سرقة المصريين.

أحبه المصريون ولكنهم لم يمتلكوا قرارهم بعد، فالوالي يعيّن من قبل الباب العالي في الأستانة.

بعد رحيل الحملة الفرنسية من مصر، كانت الفوضى والاضطراب وانعدام النظام هي سمة هذا العصر، فقام السلطان سليم الثالث بتعيين «خسرو باشا» والياً على مصر، الذي حاول أن يقضي على المماليك ولكنه فشل، غير أنه وجد خزانة الدولة خاوية، فقرر فرض ضرائب جديدة أثقلت العبء على الشعب، وأهمل «خسرو» دفع رواتب الجند الألبان الذين انقلبوا عليه مع ثورة شعبية أطاحت به من القلعة.

وكان محمد علي هو وجنوده الألبان قد تحالفوا مع عثمان البرديسي الذي يترأس المماليك، ضد خسرو باشا، وطاردوه حتى وصل إلى الصحراء وفرّ هارباً منهم.

ولكن سرعان ما يعيّن الباب العالي والياً جديداً يدعى الطرابلسي، حكم مدة قصيرة لا تزيد عن أسبوعين، وسرعان ما حاصره المماليك وطُرد من القلعة.

ثم عُيّن والي آخر، هو علي باشا بوغول، ويدعى الجزائري، وينزل في الإسكندرية عام 1803، إلا أنه قتل بعد أن حاول الانفراد بالسلطة عن طريق بعض الرشاوى والرتب للمماليك والألبان.

لقد كان محمد علي ينظر أبعد من ذلك، ولكن لم يحن التوقيت بعد ليجلس على عرش مصر.

وعرف أن عليه أولاً التخلص من البرديسي، فأقسم لعثمان البرديسي على الأخوة المتبادلة، ولإثبات هذه الأخوة تنازل محمد علي عن كل الامتيازات للبرديسي، فاطمأن له وأصبح دمية في يد محمد علي، ووصل الأمر إلى أن الأخير أقنعه بأن تكون حراسته الشخصية من الجنود الألبان.

وكان محمد علي يعلم أن الشعب المصري لن يطيق الانتظار أكثر من عام، فالوضع في مصر من سيء إلى أسوأ، ووصل التضخم الاقتصادي إلى أقصى درجاته، حتى إنه وصل سعر أردب القمح إلى أكثر من 50 بارة (العملة المصرية في ذلك الوقت)، مع العلم أن سعر الأردب في تلك الفترة كان 24 بارة، وانعدم الأمن ونهبت القوافل من قبل البدو في الصحراء، ومنعت الإمدادات من مصر العليا إلى العاصمة، وازداد الجوع والفقر والظلم، وأصبح البقاء للأقوى.

وتحوّلت القاهرة إلى بركان غضب، وارتفعت المآذن مع كل صلاة لتقول «ما الذي تريد إضافته إلى شقائنا يا برديسي».

وقام الرجال والنساء على السواء بطلاء أيديهم باللون الأزرق دليلاً على الحداد الذي ساد في مصر، وحانت لحظة إلقاء البرديسي إلى الجحيم، وقام محمد علي بنشر جنوده الألبان في الشوارع، لمنع المماليك من نهب المصريين وترويعهم، ويفقد البرديسي السيطرة على زمام الأمور فيفر هارباً إلى الصحراء، وأصبح محمد علي في المقدمة بحب الشعب المصري.

.. يتبع



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : غرائب وطرائف

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا