المحتوى الرئيسى

الطريق إلى الأقصر وأسوان 2 كرامة حتحور التي أغضبت حارس فيلة

بعد هبوط الطائرة توجهت إلى صالة المطار لإحضار حقائبي وكان هناك أتوبيس بالخارج في انتظار الفوج المصاحب لي، وفور صعودي إليه بدء المسؤول عن الرحلة بتوزيع جدول الرحلة على الركاب والذي ألقيت عليه نظرة سريعة بشوق كبير لمعرفة ما ينتظرني في تلك الرحلة، وأشار الجدول إلى توجهنا من المطار مباشرة إلى زيارة السد العالي ومن ثم جزيرة فيلة قبل التوجه إلى فندق الإقامة الذي كان عبارة عن باخرة متحركة في النيل ستأخذنا من أسوان إلى الأقصر، وهي المفاجأة السعيدة لي فلم أكن أتخيل يوما أن أذهب في رحلة نيلية من بلدة إلى أخرى.

الجزء الأول للرحلة هنا

السد العالي

بدء الإتوبيس في التحرك ولحسن الحظ جلست في المقعد الأول الذي مكني من مشاهدة الطريق إلى السد العالي، وأثناء الرحلة بدء المرشد السياحي في إخبارنا ببعض المعلومات التاريخية عن أسوان والتي كانت تعرف باسم "سونو" في عصور المصريين القدماء ومعناها السوق حيث كانت البلدة مركزا تجاريا للقوافل القادمة من وإلى النوبة، ومن ثم أطلق عليها في العصر البطلمي باسم  "سين" وسماها النوبيون "يبا سوان"، كما عرفت أيضا باسم بلاد الذهب لأنها كانت بمثابة كنز كبير أو مقبرة كبيرة لملوك النوبة الذين عاشوا فيها ألاف السنين.

 

وبعد توزيع بعض العصائر في الإتوبيس، أكمل المرشد حديثه عن تاريخ بناء السد العالي وأهميته وعملية تهجير أهل النوبة من أجل تشييده حتى وصلنا إلى السد، حينها بدأنا في النزول لإلتقاط بعض الصور التذكارية، ولم أكن أصدق عيني عندما رأيت بحيرة ناصر، فلقد كنت على علم مسبقا بأنها أكبر بحيرة صناعية في العالم ولكن لم أكن أتخيل أنه عند الوقوف على شاطئها بأنني لن أستطيع أرى الجهة الأخرى منها، حيث تشابه شكلها كثيرا مع البحار التي تقف عندها ولا تعلم ما تخبئ في ظهرها من أسرار.

 

وتعج البحيرة بالعديد والعديد من التماسيح التي يمنع صيدها على الرغم من إلتهامها لألاف الأطنان من الأسماك يوميا، ولسوء الحظ لم أتمكن من رؤية تلك التماسيح التي نادرا ما تظهر في فصل الشتاء حيث تظهر بكثافة شديدة في فصل الصيف، وبعد إلتقاط بعض الصور التذكارية أكملت طريقي في ذلك الصرح العظيم حتى وصلت إلى منطقة بحيث يمكنني رؤية بحيرة ناصر من على يميني وأضيق منطقة في نهر النيل على يساري، واختيرت تلك المنطقة بعناية شديدة من قبل المسؤولون المصريون لإنشاء السد بحيث تندفع مياه النيل من المنطقة الواسعة التي تتمثل في بحيرة ناصر إلى تلك المنطقة الضيقة للغاية من النهر حيث تحرك التوربينات بقوة ومن ثم تتولد الكهرباء.

 

وبعد الانتهاء من إلتقاط الصور التذكارية عدنا مرة أخرى إلى مقاعدنا في الإتوبيس الذي بدأ في التحرك نحو معبد فيلة مارا في طريقه بخزان أسوان أو كما يعرف بسد أسوان، وهو أول يبنى بهذا الحجم في العالم في وقت تشييده عام 1906، ولكن لم يسعفنا الوقت للوقوف لمشاهدة الخزان من على قرب، حيث كانت الوجهة الرئيسية هي معبد فيلة.

 

معبد فيلة

أثناء توجهنا إلى معبد فيلة بدء المرشد في التحدث عنه باستفاضة شديدة ذلك المعبد الذي بني في عصر الفراعنة على جزيرة فيلة ولكنه أغرقته مياه النيل في أعقاب بناء السد العالي، الأمر الذي أجبر المسؤولين بمساعدة اليونسكو على تقسيمه وإعادة تجميعه في موقعه الجديد فوق جزيرة إجيليكا على بعد حوالي 500 متر من مكانه الأصلي.

 

وفور الوصول إلى الموقع، كان لزاما علينا ركوب القوارب للوصول إلى الجزيرة المتواجدة في وسط النيل مارين على مجموعة من البائعين الذين يعرضون بعض الهدايا التذكارية الفرعونية على أمل بيعها للسائحين الأجانب، الذين لم أجد منهم سوى عدد قليل للغاية أثناء تواجدي في أسوان.

 

وبعد المرور على البائعين الذين لم يجذبوا انتباه الفوج المصري على الإطلاق، بدءنا في ركوب القوارب التي أخذت طريقها نحو معبد فيلة وسط منظر بديع جمع بين روعة مياه النيل والجزر الخضراء المتواجدة في وسط النهر، إلى أن وصلنا إلى جزيرة إجيليكا حيث بدأنا في تفقد معبد فيلة الذي شيد في الأساس لعبادة الإلهة إيزيس ولكنه ضم بين جنباته معابد أخرى لحتحور وأمنحتب وغيرها من المعابد.

كرامة حتحور

 

وبعد تلقي العديد من المعلومات التاريخية حول تماثيل المعبد وغرف تقديم القرابين إلى الألهة، ذهبت في جولة سريعة لمشاهدة المعبد مرة أخرى حينها أوقفني أحد الحراس عارضا على أن يلتقط لي صورة مع معبد حتحور، ولأكن صادقا لم تكن معلوماتي جيدة بما فيه الكفاية لمعرفة حتحور حيث قلت له بسذاجة "هو ده حتحور؟" حينها صمت الحارس قليلا قبل أن يقول لي "هي دي مش هو ده"، حينها أكتفيت بابتسامة عريضة تظهر مدى جهلي بالحضارة الفرعونية فكيف لي أن لا أعرف إلهة السماء والحب والجمال على حسب اعتقاد الحارس، وبعد إلتقاط الصورة مع معبد حتحور، شكرت الحارس وعدت مرة أخرى إلى المركب بعدما أنهينا زيارة عائدين مرة أخرى للتجول بين البائعين الذين لم يهتموا بنا في تلك المرة كما لم نهتم بهم في رحلة الذهاب، فلم أجد من يصر على بيع أمتعته لي أو على أقل تقدير يصر على أن ألقي نظرة عليها.

العودة إلى الفندق

 

بعد الانتهاء من زيارة معبد فيلة عدنا مرة أخرى إلى الإتوبيس من أجل التوجه إلى الفندق مارين في طريقنا بشارع أنور السادات الذي يعد من الشوارع الرئيسية في أسوان ويحتضن بين جنباته مقبرة الأديب محمود عباس العقاد بالإضافة إلى ستاد أسوان وكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل للاقباط الأرثوذكس، وبالفعل وصل الإتوبيس إلى مقر الإقامة في الباخرة حينها حصلنا على مفاتيح الغرف وذهبنا لتناول وجبة الغذاء التي لم يختفي عنها بعض السمات المصرية من التزاحم للحصول على الطعام المقدم في "الأوبن بوفيه" منهين بذلك زيارة أثار أسوان على أن نذهب في جولة في شوارع المدينة مساء ونشاهد عرض للفرق النوبية على أن تبدأ الباخرة تحركها نحو الأقصر واقفة في كوم أومبو وإدفو في طريقها، حيث تعرضت لموقف غريب في الأخيرة سنستعرضه في الجزء الثالث من الطريق إلى الأقصر وأسوان غدا.



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : منوعات

المصدر :

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا