المحتوى الرئيسى

صحافة زمان الأرتيست التي هزمت الهانم

تحقيق جديد لقصة قديمة

سافرت الأرتيست المعروفة فاطمة سري إلى الأقصر في شتاء 1929 مع مساعدها محمد أفندي، لتقضي الأيام العصيبة في فندق ونتر بلاس، في انتظار حدث هام في حياتها الفنية والاجتماعية.

طلبت فاطمة من أصدقائها في القاهرة أن يرسلوا إليها الخبر المنتظر عبر التلغراف فور إعلانه، هو خبر انتظره الرأي العام لمدة ثلاث سنوات، منذ أن قررت فاطمة إعلان قصتها مع الوجيه محمد بك شعراوي نجل علي باشا شعراوي أحد قيادات ثورة 1919، وهدى هانم شعراوي زعيمة النهضة النسائية حينذاك.

ففي الأعداد الصادرة عن المجلات الفنية في فبراير 1929، يتم الاحتفاء بانتصار المطربة فاطمة سري وتعلن المجلات اسمها الجديد فاطمة هانم شعراوي، بعد أن حكمت المحكمة بثبوت عقد زواجها من ابن العائلات محمد شعراوي وثبوت نسب ابنتها ليلي إليه، وتصبح صورة المطربة غلافاً للمجلات المختلفة.

طالعنا أعداد مجلة المسرح القديمة ولم يتسنَّ لنا تصوير بعض أوراقها، المجلة تحتاج إلى عملية ترميم كبيرة، أوراقها المتعبة تحمل من العمر ما يزيد عن الـ 80 عاماً. بينما حصلنا على بعض الصور من مجلة الصرخة التي سجلت فصولاً في هذه المعركة.

الهانم

سجلت مجلة المسرح، وهي من أشهر المجلات الفنية في هذه الحقبة، رحلة فاطمة سري ومعركتها مع عائلة شعراوي باشا، ففي يناير 1927 انفردت مجلة المسرح بنشر حكاية الزواج العرفي بين المطربة المعروفة والوجيه ابن العائلات، ودافعت المجلة طول 3 سنوات عن المطربة في مواجهة نفوذ الهانم التي رفعت لواء حرية المرأة وحقوقها في كل مكان، لكنها ضنت به على فاطمة وعلى حفيدتها الصغيرة ليلى، فأجبرت ابنها على عدم الاعتراف بابنته من المطربة.

ولذلك انفردت مجلة المسرح بأول حوار للمطربة بعد انتصارها على عائلة شعراوي باشا، كما انفردت المجلة بصور رحلة المطربة في الأقصر، ولحظة استقبالها خبر حكم المحكمة لصالحها، وكذلك استقبالها لعدد من تلغرافات التهنئة من الأصدقاء.

تعيد مجلة المسرح نشر فصول المعركة وكأنها تغازل الوجيه للعودة إلى زوجته وتقول: “لم يكن يدر بخلد محمد أن والدته أو كائناً من كان يستطيع أن يؤثر عليه أو ينتزعه من أحضان زوجه ومحبوبته، وأنه أراد أن يبرهن لمعبودته فاطمة على صحة الزوجية القائمة، فكتب بها قبيل سفرها إلى أوروبا إقراراً بالزواج بخط يده في 15 يونيو 1925″.

“ثم سافر محمد مع والدته إلى أميركا في صيف 1927 لزيارة شقيقته زوجة محمود باشا سامي ووضعت فاطمة مولودها على يد الدكتور النمساوي الشهير أمرايش، كما حضر وضعها بعض طلبة الطب المصريين في باريس”.

“عادت فاطمة إلى مصر وعاد هو بعدها بأيام وكانت فاطمة قد احتاطت للأمر فنسخت بضع صور لهذا الإقرار الزوجي بالإنكوغراف إذا كان قد طلبه منها في باريس، فأوهمته أنها تركته في مصر، وكانوا قد أثروا عليه فجاء يطالبها بالإقرار وأصر على طلبه، فلما رأت تشبثه أعطته صورة من الصور الإنكوغرافية، وهي شديدة الإتقان مماثلة تماماً للأصل، فاعتقد أنها الأصل نفسه، فأخذها وذهب إلى بيته حيث أحرقها أمام أفراد أسرته، وبذلك ظن أن الأمر انتهى”.

“كانت رسالة فاطمة إلى هدى هانم بليغة ومؤثرة، ناشدت فيها الزعيمة التي تسعى إلى سن قانون يحتم على الرجال الاعتراف بالابن غير الشرعي، فكيف وابنها هو والد ابنتي شرعاً”.

في نهاية القصة المصورة لمجلة المسرح، قالت إن فاطمة كسبت القضية وخسرت خاتماً كان قد أهداه له محمد بك شعراوي وثمنه 1500 جنيه، ويرجح أنها فقدته في حمام فندق ونتر بلاس، فاعتقدت أنه فقد فداء لقضتيها.

مجلة الصرخة، سجلت المرحلة الثانية من التقاضي بين فاطمة سري وآل شعراوي، حيث وصلت القضية إلى محكمة الاستئناف بعدما طعنت العائلة في الحكم الأول، وفي ديسمبر من عام 1930 أيدّت محكمة الاستئناف الحكم الأول بثبوت نسب الطفلة ليلى إلى محمد بك شعراوي.

IMG_0130

أجرت الصرخة حواراً مع فاطمة سري في منزلها، وانصبّ الحوار على ما فعلته هدى هانم شعراوي من خطط لإزاحة فاطمة من طريق ابنها.

“ولما أعجزتني الحيلة، لجأت إلى القضاء، فمضوا يساومونني مساومات لا تقبلها أم تفكر في سعادة ابنها، وأخذوا يجزلون لي العطاء حتى بلغوا أخيراً 25 ألف جنيه”.

“وأخيراً عندما أدركوا أنني لا أريد شيئاً إلا ضمان مستقبل ابنتي، أوفدوا إلي الأستاذ إبراهيم بك الهلباوي، فجاءني يعرض علي اقتراحاً جديداً رفضته بكل ثقة وشمم، ولا لوم علي إذا قلت إنني رفضته بكل نفور واحترام، ذلك أنهم أرادوا أن يأتوني برجل من صنائعهم يعقد قرانه علي ويكون عقد القران سابقاً لمولد ابنتي، ويعترف ذلك الرجل ببنوة الطفلة فلا تنشأ مجهولة الأب وتصبح ابنة شعراوي أمام القانون ابنة رجل آخر”.

وبعد ثلاثة شهور، وبالتحديد في مارس 1931 حاولت مجلة الصرخة إجراء حوار مع المطربة اللامعة، لكنه بات من الصعب حصول الصحفيين على حوار مع المطربة المشغولة دائماً بالحوارات الصحفية وزيارات المحامين والأصدقاء.

في النهاية أجرت الصرخة الحوار الذي كان عنوانه: “فاطمة سري تطلب الحجر على محمد بك شعراوي” بمناسبة رفض الالتماس الذي قدّمه شعراوي وبات الحكم نهائياً.

الهانم

وفي هذا الحوار، أكدت فاطمة أنها لا تجد غضاضة في الرجوع إلى عصمة زوجها لتشاركه تربية ابنتها، مؤكدة أن طلبات الزواج تنهال عليها دائماً.

ودعت المطربة اللامعة، محرر جريدة الصرخة إلى الحفل الذي تقيمه ابتهاجاً بالحكم لصالحها، وأنها سوف تذبح عجلين تطعمهما للفقراء مع تلاوة للشيخ علي محمود.

من اللافت أن عدد الصحف والجرائد لم يتطرق إلى هذه القصة، نظراً لحساسية الموقف من زعيمة المرأة هدى هانم شعراوي التي كانت في أوج معاركها في هذه الفترة، حيث وصلت المعارك إلى خلافها مع زعيم الأمة سعد باشا زغلول، كذلك لم تذكر هدى شعراوي في مذكراتها المنشورة في 1981 عبر كتاب الهلال أي حديث حول هذه هذه القضية التي انتهت بثبوت نسب ليلى إلى ابنها، بل رفع شعراوي بك دعوة لضم الطفلة بعد ذلك وعاشت في كنف الوجيه ووالدته الهانم.



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : غرائب وطرائف

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا