لماذا نختار أن نعرض أن�سنا لذلك الإخ�اق العاط�ي للحب؟

هل يمنح الحب حياتنا معني؟

أم أنه هروبا من وحدتنا ومعاناتنا؟

هل الحب قناع يخ�ي رغباتنا الجنسية؟

هل الحب مجرد هرمونات وإشارات عصبية؟

أم إنه حيلة تطورية تح�ّزنا للبقاء على هذا الكوكب؟

هل هو كل ما نحتاج إليه؟ هل نحتاجه على الإطلاق؟

على مجرى التاريخ طرح بعض أكثر ال�لاس�ة ذكاءً بعض النظريات المثيرة للاهتمام كمحاولات ل�هم ماهية و لماذا نقع �ي الحب ، �لنستعرض أهمهم…

يجعلنا الحب مكتملين مرة أخرى – أ�لاطون (347 – 429 ق.م)

�يلسو� اليونان القديمة أ�لاطون بحث �كرة أننا نحب من أجل أن نصبح مكتملين. �ي كتابه “المحاورات� يحكي عن ح�لة عشاء يقوم �يها “أرسطو�انيس� – وهو كاتب مسرحي ساخر – بتسلية ضيو�ه من خلال القصة التالية:

كان البشر �يما مضي مخلوقات ذات أربعة أذرع وأربعة أرجل ووجهين، وذات يوم أغضبوا الآلهة �شطر زيوس كل واحد منهم إلى اثنين. ومنذ ذلك الوقت، �َقَدَ كل شخص نص�ه أو نص�ها الآخر.

الحب هو التوق لإيجاد النص� الآخر الذي سيجعلنا نشعر بالاكتمال مرة أخرى، أو على الأقل �ي اعتقاد أ�لاطون أن هذا ما قد يقوله كوميدي ثَم�ل �ي ح�لة.

يخدعنا الحب حتى ننجب – شوبنهاور

يأتي شوبهاور بنظرته التشاؤمية للحياة، بالطبع �الحب �ي نظره مجرد غطاء جميل لرغباتنا الجنسية… كل من قرأ عن شوبنهاور يعر� �لس�ته العدمية للحياة، بل من الممكن أن تتوقّع بسهولة وجهة نظره �ي أي موضوع كان، �قط �كّر �ي أكثر الأمور غرابة واكتئاباً وستجدها �ي �لس�ته ?

�ي وقت لاحق من أ�لاطون بكثير، ال�يلسو� الألماني آرثر شوبنهاور أكّد أن الحب يرتكز على الرغبة الجنسية وأنه صورة خادعة للمتعة الحسيّة وارتأى إلى أننا نحب �قط لأن رغباتنا تقودنا إلى الاعتقاد بأن هناك شخصاً آخر سيجعلنا سعداء، ولكننا مخطئون بشدة… تخدعنا الطبيعة كي نتكاثر، ويكتمل الاندماج الغرامي الذي نسعي إليه بولادة أط�النا.

عندما نشبع رغباتنا الجنسية �إننا نعود إلى وجودنا الم�عذب وننجح �قط �ي الح�اظ على الجنس البشري وإدامة دورة الكدح الإنساني.

يعد الحب هروبا من وحدتنا – راسل

هنا يأتي راسل بذكائه اللامع وشخصيته الحادة و�لس�ته ال�ريدة من نوعها…

و�قاً لل�يلسو� الإنجليزي الحائز على جائزة نوبل – برتراند راسل – �إننا نحب من أجل إرواء رغباتنا الجسدية والن�سية. اتخذ راسل منحني أقل حدّة من شوبنهاور.

لقد هٌيئَ البشر للتكاثر، ولكن بدون نشوة الحب العاط�ي �إن الجنس يصبح غير م�رض�ي… يد�عنا خو�نا من العالم البارد والقاسي – �ي نظر راسل – لبناء قشرة صلبة لحماية وعزل أن�سنا، تساعدنا بهجة وحميمية ود�ء الحب على التغلب على خو�نا من العالم ونهرب من عزلتنا ونٌقبل على الحياة.

ي�ثري الحب كياننا مما يجعله أ�ضل ما �ي الوجود.

الحب هو �تنة مضللة – بوذا

قطعة �نية تصور بوذا – متح� �يكتوريا وألبرت �ي لندن

“سيدهارتا غوتاما� الذي أصبح معرو�ا بـ “بوذا� أو “المستنير� ربما كان سيخوض نقاشات حادة ومثيرة للاهتمام مع راسل… اقترح بوذا إننا نحب لأننا نحاول أن نشبع رغباتنا الأساسية ومع ذلك �إن رغباتنا العاط�ية الملحة تعد من نقائصنا، وأهوائنا حتى الحب الرومانسي يعد مصدراً كبيراً للمعاناة.

لحسن الحظ، اكتش� بوذا الطريق الث�ماني وهو نوعًا من التعاليم التي تهد� إلى إخماد جذوة الشهوات حتى نصل إلى النير�انا/ السعادة القصوى، وهي حالة مستنيرة من السلام والص�اء والحكمة والرحمة.

يتيح الحب لنا الوصول إلى أبعد من أن�سنا – بو�وار

هي من ال�لاس�ة النساء القليلين – أو النادرين على الأرجح – ال�رنسية سيمون دي بو�وار والتي كانت �ي علاقة حب متبادلة مع ال�يلسو� الوجودي بول سارتر.

أدّخرت� رأيها للنهاية لأختم بنظرة أكثر إيجابية قليلاً للحب… اقترحت بو�وار أن الحب هو الرغبة �ي الاندماج مع شخص آخر وأن ذلك ما يملأ حياتنا بالمعنى… مع ذلك لم تكن معنية كثيراً بلماذا نحن نحب بقدر ما كانت مهتمة بالكي�ية التي تمكّ�ن�نا من أن نحب بشكل أ�ضل، وارتأت أن المشكلة مع الحب الرومانسي التقليدي هو أنه يمكن أن يكون جذّاباً لدرجة أننا نميل لجعله السبب الوحيد �ي وجودنا إلا أن الإكثار على الآخَر لتبرير وجودنا يؤدي بسهولة إلى الملل والتنا�س �ي التأثير والقوة، ولتجنب هذا ال�خ تنصح بو�وار بأن يكون الحب واقعيّ والذي هو أشبه بـ�الصداقة القوية�، وأن يدعم المتحابَيْن كل منهما الآخر �ي اكتشا� ن�سَيْهما وأن يتخطَوا حدود ذاتَيْهما ويحسّنان معاً حياتهما والعالم.

�برغم من أننا ربما لن نعر� أبداً السبب المؤكد وراء وقوعنا �ي الحب إلا أنه يمكننا التأكد من أنه سيكون درباً من التقلبات العاط�ية كركوب الأ�عوانية، إنه مخي� ومبهج… يجعلنا نعاني ويجعلنا نحلق عالياً… ربما ن�قد أن�سنا وربنا نجد أن�سنا… قد يكون محزناً أو قد يكون أ�ضل شيء �ي الحياة.

يقول شكسبير عن الحب:

“الحب جحيم يطاق والحياة بدون حب نعيم لا يطاق… الحب أعمى�.

هل تجرؤ على خوض التجربة؟

المراجع

1، 2، 3، 4، 5، 6، 7

• مذاهب Ù�كرية معاصرة – عرض ونقد – للدكتور محمود مزروعة، 189-207
• الموسوعة العربية – أريستوÙ�ان