المحتوى الرئيسى

العمر لا يتوقف عند شعرة بيضاء

 كنت ذاهباً لشراء "فينو"، نوع من الخبز تستخدمه الأم في تحضير سندوتشات للأولاد عند ذهابهم إلى المدرسة كل صباح، وكعادتي في ركوب المصعد حيث فرصتك لترتيب نفسك وتصفيف الشعرات التي تكون قد نسيت أمرها عند خروجك من باب منزلك، تفاجأت بشيء غريب يتموج بين تلك الشعرات، ابتسمت كمن تعرّف لتوه على شخص جديد يقتحم حياته بود.أيتها الشعرات، ماذا تريدين من شاب ثلاثيني مقبل على الحياة، هل هي زيارة عابرة، أم أنك قررت مرافقتي، أليس من المبكر قدومك؟! ولماذا في هذا الوقت تحديداً. استوقفتني كثيراً تلك الشعرات البيضاء؛ فكرت، حزنت، ابتسمت.توقف المصعد، دخله ثلاثة أطفال يلعبون، تذكرت حينها أطفالي الثلاثة: عبد الله وآمنه وسلمان، وكم كان مجيئهم سريعاً، وكيف أن الحياة مرت سريعاً وبهم أسرع، وتذكرت أمي وعائلتي الكبيرة وكيف فرقت بنا الغربة، المرة الحلوة أحياناً، تذكرت أيام الطفولة والقرية والحوش ولعب الكرة في الشارع، وسيلاً من ذكريات لم أنتبه كيف قطعها بائع الخبز.الحقيقة أن هذه الحياة ستمر سريعاً وسريعاً جداً، لن تشعر بها، فعشها، واستمتع بها كما هي، نظرت مرة أخرى لتلك البيضاء في رأسي، أسألها هل من رسائل جاءت بها، أم أنها دليل حكمة ورشد. هل هي بداية لمرحلة جديدة من العمر، أم استعداد لما تبقى منه في خدمة أطفالك وطلباتهم.هل أنت وحدك أيتها البيضاء، أم جئت بأفراد عائلتك، هل ستقيمين في رأسي وتطردين السكان الأصليين.آه لو تجيبي عن هذه الأسئلة، ولو أن كل الرسائل التي تأتينا في هذه الحياة تكون واضحة مثل بياضك وسط هذا السواد. كل الأشياء البيضاء أصبحت تذكرني بك: الستائر، السحب، السماء، حتى الورق الأبيض.

الحياة والشعر الأبيضFashion Mioسألت زميلتي في العمل: هل تتذكرين ظهور أول شعرة بيضاء طرقت باب رأسك، فاجأتني الإجابة، إنها تتذكر اليوم والتاريخ والساعة والموقف والأشخاص الجالسين معها وقتذاك، أدركت فوراً أن عقل المرأة غير عقلنا نحن الرجال؛ فهي غارقة في التفاصيل وتتذكر أشياء ومواقف، تتمنى أن تكون دوماً في عز شبابها، حتى لو أن حفيدتها قاربت العشرين، وأكاد أجزم أن كل النساء انتبهن إلى أول شعرة بيضاء خطت طريقها في الرأس.هل تحسب أنك بظهور تلك الشعرة البيضاء قد كبرت، صدقني مش هتفرق معاك ساعتها شعرك أبيض أو أسود؛ أو أصلع، أو حتى يكون جسمك سمين أو نحيف، أو كيفما كان شكلك ولونك، أهم ما فينا تلك الروح التي علينا أن نسعدها، بلاش تنكد عليها.


لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : منوعات

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا