المحتوى الرئيسى

الباب العالي يعزل محمد علي باشا عن ولاية مصر 6

تسلّم محمد علي الدولة المصرية وهي مفككة مفلسة، وحالة الفوضى ضربت أرجاء البلاد، ومصر العليا تحت سيطرة المماليك، والقوافل تتعرّض للنهب باستمرار، والعاصمة نفسها مهددة بانقلاب من قبل الضباط غير المنضبطين لأي نظام في حال تأخر الرواتب.

أدرك أن قوته اسمية فقط، والسلطة الفعلية في حقيقة الأمر ما زالت تحتاج إلى إحكام قبضته عليها.

وجد محمد علي نفسه أمام مشكلتين كبيرتين، الأولى هي الحاجة الماسة إلى المال، والثانية هي الفوضى التي يصنعها المماليك من حوله، ولكن هناك مشكلة حقيقية أكبر من ذلك، وهي أن السلطان سليم الثالث يعمل على فشله، ويحاول أن يمنع الاستقرار عن البلاد.

توجب على محمد علي أن يملأ خزائن الدولة، إما عن طريق الضرائب النظامية التي فرضها من قبل المماليك، والتي أهلكتهم، أو عن طريق آخر وهو الابتزاز.

عمد محمد علي إلى ابتزاز التجار الأقباط والمسيحيين الذين كانوا مكروهين من عامة الشعب، كما أنه لم يقوَ على المساس بمصالح الشيوخ والعلماء، ورجال الفقه والقانون، نظراً لما يتمتعون به من قدرة على حشد العامة ضده، كما فعل من سبقه مثل البرديسي وخورشيد، وتسبب ذلك في ضياعهم.

أمر بالقبض على جرجس الجواهرجي مدير المالية، وألقى به في السجن بحجة أنه قام بسرقة مبلغ 4800 بورصة وتحويلها إلى حسابه الخاص، وطالت ضرائبه كل التجار والصناع المسيحيين في مصر وتجار الخشب والسمك المملح والمزارعيين.

انتهى من حل مشكلة المالية وبقيت مشكلة المماليك، وبدأ في جر بعض البايات إلى فخ في القاهرة وأهلك منهم عدد كبير، وحاول أكثر من 80 مملوكاً إثارة الفوضى في السجن للهرب؛ فأمر بقطع رأسهم في الحال دون محاكمة، كان من بينهم 5 فرنسيين لم يملك دروفيتي الوقت للتدخل في صالحهم.

ازدادت الأزمة مع المماليك؛ فاضطر إلى قيادة جنوده الألبان في عمليات حربية حقيقية، وأحياناً كانت قواته تخرج بقيادة حسن باشا، ولكنها لم تحقق نجاحاً حقيقياً، وهزمت في مصر السفلى من قبل محمد الألفي، الذي عاد إلى الظهور من جديد.

حاول التفاوض مع المماليك؛ إلا أن البايات أخذوا يضعون شروطاً تعجيزية، حيث يطالب الألفي بالفيوم وبني سويف والجيزة والبحيرة، بالإضافة إلى العائدات المالية لمائة قرية، وهو ما رفضه محمد على وقرّر استمرار الحرب ضد المماليك، وفي إبريل عام 1806 يعسكر الألفي قرب دمنهور.

كانت إنجلترا تضغط على الباب العالي لعزل محمد علي، وتعيين محمد الألفي رجلهم المدلل، بل إن إنجلترا حاولت إقناع الباب العالي بأن ابن كفالا عميل الفرنسيين، وهو متمرد خطير.

وبالفعل يقرر الباب العالي أن يخلع محمد علي من منصبه، بعد أن هدد الإنجليز بأنه إذا استمر الوضع على هذا الحال فإن مصالح إنجلترا في خطر، وهو ما يدفع الإنجليز إلى التدخل لحماية مصالحهم.

أتت الضغوط الإنجليزية ثمارها، وفي يوليو عام 1806 يرسل السلطان سليم الثالث الباب العالي فرماناً مع القبطان باشا الذي حل على الشواطئ المصرية وبرفقته 3 آلاف جندي، وجاء نص الفرمان بأن يتبادل محمد علي باشا منصبه مع موسى باشا حاكم سالونيك.

لم يتأثر محمد علي بهذا الفرمان بل تهرّب منه وأعلن في مجلسه وأمام أعوانه: «فتحت مصر بالسيف، ولن أتخلى عنها إلا بالسيف! أعرف الأتراك، هم للبيع وسأشتريهم، أنجزت ثورة حين كان معي 500 رجل فقط، والآن يوجد حولي أكثر من 1500 رجل، وهو عدد أزيد بكثير عما أحتاجه للإبقاء على ملكي».

أغدق محمد علي العطايا على مبوعثي الباب العالي، وتظاهر أمامهم بالخضوع إلى الفرمان، ولكن أرسل معهم خطاباً من الشيوخ والعلماء والفقهاء يطالبون فيه ببقاء محمد علي والياً لمصر، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض.

طلب محمد علي من القبطان باشا أن يعود إلى البحر مقابل أن يحصل منه على صك بقيمة 6 آلاف بورصة، ووافق الأخير أمام هذه الرشوة، ولكن محمد علي لا يملك بارة واحدة من من الستة آلاف بورصة، ففرض القبطان باشا على محمد علي أن يرسل ابنه إبراهيم كرهينة إلى حين دفع المبلغ المتفق عليه، وكذلك ألا تخضع المدن الساحلية إلى حكمه، وهي دمياط رشيد الإسكندرية، وكل ما يحصل منها من ضرائب يحوّل إلى خزينة الإمبراطورية، وإحلال السلام مع البايات، ويقبل محمد علي بكل ذلك ولكن بشكل صوري.. كالعادة.

 تابع المقال السابق على الرابط التالي:

محمد علي باشا يستلم الحكم (5)

 



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : غرائب وطرائف

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا