«لعل أحد أهم الانتصارات التي حققتها أمريكا �ي الصحة العامة هو التحول التدريجي �ي البعد عن المشروبات الغازية».

تقول «جوليا بيلز» �ي تقريرها على موقع «�وكس» إن مبيعات المشروبات الغازية مثل كوكا كولا وبيبسي قد تراجعت بال�عل ب�ضل زيادة الوعي بشأن الارتباط بين المشروبات الغازية، وأمراض السمنة وتسوس الأسنان. لكنها أضا�ت أن هناك أدلة قوية أيضًا ت�يد بأن الأمريكيين ما يزالون يقعون �ي شرك العصائر والمشروبات المحلاة.

تحاول «جوليا» تناول قضية المشروبات الغازية والمحلاة وأثرها �ي سياسات �رض الضرائب �ي أوروبا، وأثر تلك السياسات على التغذية والصحة العامة، مستشهدة بكتاب نشر مؤخرًا لمؤل�ته «ماريون نسلي» (أستاذة �ي جامعة نيويورك)، والذي يدور حول ن�س القضية، �بالطبع إصدار تشريع يقتضي �رض ضرائب على جميع المشروبات المحلاة سيشمل منتجات الألبان كمشروبات الحليب بالشوكولاتة، وبالتالي قد يتسبب القانون �ي انهيار صناعة الألبان.

نشرت «يورومونيتور إنترناشيونال» مؤخرًا تقريرًا يعرض بيانات وتحليل لمبيعات التجزئة للمشروبات خلال السنوات الخمسة الماضية، وأبرز ما جاء �يه أنه بينما يتقلص سوق المشروبات الغازية، �إن مبيعات العصائر تظل �ي ثبات، �ي حين مبيعات مشروبات الطاقة والمشروبات الرياضية �ي نمو� متزايد.

�ما هو حجم مبيعات كل نوع منها �ي السوق؟

نشرت ورقة بحثية على موقع مجلة «BMJ Open» الطبية تناقش أبعاد مشكلة الأطعمة المصنعة التي تمت معالجتها بشكل مكث�. يذكر البحث أن الباحثين القائمين عليه درسوا نمط النظام الغذائي للأمريكيين، وما يحتويه، وكميات عناصره، �وجدوا أن أغلبه يتكون من الأطعمة المصنعة والسكريات المضا�ة. كما وجدوا أن 58% (أي أكثر من النص�) من إجمالي استهلاك الأمريكيين للطاقة يأتي من الأطعمة المعلبة والمنكهة والمضا� إليها الألوان والمحليات الصناعية. ويضي� أن تقريبا 90% من تلك السكريات المضا�ة التي يتناولها الأمريكيون تأتي من الأطعمة المصنعة. وأن المصدرين الأساسين لتلك النسبة، هما المشروبات الغازية بنسبة 17 %، وتتبعها ب�ارق� صغير عصائر ال�واكه بنسبة 14%، وبالطبع ي�قصَد هنا العصائر المصنعة والمضا� إليها محليات صناعية وليست العصائر الطبيعية.

وتحاول «جوليا» إزالة أي لبس� �تقول إنه على الرغم من التراجع المشهود �ي حجم مبيعات المياه الغازية، تظل المياه الغازية تمثل تهديدًا كبيرًا على الصحة العامة. وكما تقول «ماريون» �ي كتابها: «تعد مبيعات بدائل المياه الغازية �ي زيادة، ولكنها ليست عالية بدرجة تعوض الانخ�اض �ي مبيعات الكوكاكولا والبيبسي». إلا أن البيانات تشير إلى أن الأمريكيين قد وجدوا بال�عل طرقًا جديدةً لملء أنظمتهم الغذائية بالسعرات الحرارية عن طريق المشروبات المحلاة.

بدائل المياه الغازية

ربما بعد انتشار الكثير من الأبحاث عن أضرار المياه الغازية علينا الت�كير �ي البدائل مثل العصائر أو المشروبات غير الغازية.

تقول «جوليا» إن أغلب العصائر والمشروبات الرياضية تحتوي على ن�س كميات السكر الموجودة �ي المياه الغازية؛ بل وأحيانًا تكون أكثر، كما يبين الرسم التوضيحي الذي أصدرته كلية هار�ارد للصحة العامة.

بالطبع قد نظن أن عصائر ال�واكه بطبيعتها صحية أكثر من المياه الغازية، لأنها تأتي مباشرة من ال�واكه، لكن هذا الاعتقاد ليس بصحيح.

سألت «جوليا» العديد من الباحثين �ي التغذية، وجميعهم أجابوا بأن السكر الموجود �ي العصائر مركز بنسب� أكبر من السكر الموجود �ي ال�اكهة بحالتها الطبيعية. �عندما نشرب عصير ال�واكه، نحصل على جرعة مضاع�ة من السكر، كما هو الحال �ي المشروبات الغازية.

وتت�ق «ماريون» مع ذلك الرأي، وتشير إلى البعد المادي �ي محاولة تناول ن�س الكميات من العصائر الطبيعية بدلًا من المصنعة، �تقول �ي كتابها: «تحتوى العصائر على بعض القيم الغذائية �ي حالة عدم إضا�ة السكريات لها. لكن الناس لا يشربون ن�س تلك الكميات من العصائر الطبيعية، �الأمر سيكون مكل�ًا للغاية».

العصائر الصناعية والمعلبة مثل عصير العنب والتوت هي بالأساس مصنوعة من المياه والسكر والنكهات الصناعية والقليل جدًّا من ال�وائد الصحية. وحتى عصائر ال�واكه الطبيعية التي تحتوى ال�يتامينات والعناصر الغذائية مثل عصير البرتقال الطبيعي الطازج يحتوى هو الآخر على بعض السكريات والسعرات الحرارية.

وبالتأكيد لا تعني الكاتبة أو حتى خبراء التغذية أن يمتنع الناس تمامًا عن العصائر جميعها، �العصائر الطبيعية بالتأكيد أ�ضل من المصنعة أو التي المعالَجة من حيث ال�ائدة والقيمة الغذائية، ويمكن دمجها �ي نظام� غذائي صحي، لكن السر �ي الاعتدال. تقول «ماريون» �ي كتابها: «العصائر مثلها مثل أي مصدر آخر للسكريات السائلة، الأ�ضل أن ت�ستَهلَك بكميات� صغيرة».

�رض الضرائب على المشروبات

بدأت العديد من الدول تدرس �كرة �رض الضرائب على المشروبات المحلاة، وذلك ضمن جهود الحكومات �ي محاربة البدانة. لكن يبدو أن بعض الدول ت�رض الضرائب على المياه الغازية �ي حين تنقصها الجرأة على �رض ضرائب على بقية المشروبات المحلاة، وتتغاضى عن الكميات الضخمة التي يستهلك بها الناس السكريات من خلال العصائر، والتي لا يقل خطرها عن المياه الغازية.

تقول «جوليا» إنه �ي بريطانيا على سبيل المثال، أعلنت الحكومة مؤخرًا عن �رضها ضرائب على المشروبات المحلاة، لكنها تطبق �قط على المشروبات الغازية المضا� إليها كميات كبيرة من السكر، بينما تستثني من ذلك مشروبات منتجات الألبان وعصائر ال�واكه. ويمكن لأي �رد الاطلاع على دليل الضرائب الم�روضة على المشروبات الغازية التابع لوزارة المالية للتحقق من صحة ذلك.

وتذكر أيضًا أنه �ي بيركلي بولاية كالي�ورنيا �رضت ضرائب على المشروبات المحلاة، لكنها هي الأخرى تستثني مشروبات الطاقة ومنتجات الألبان المحلاة، وتقريبًا 100% من العصائر.

بينما �ي القارة الأوروبية نجد أن شركات تصنيع المياه الغازية �ي المملكة المتحدة بصدد اتخاذ إجراءات� قانونية ضد الضريبة الم�روضة مؤخرًا باعتبارها ضريبة مبنية على «أساس من الت�رقة»، �هي تستثني المشروبات المحلاة الأخرى غير الغازية من الضرائب.

وترى «جوليا» أن الشركات البريطانية �ي ذلك تثير قضيةً عادلة، �إذا كانت الضريبة تركز على المحتوى المحلى والسعرات الحرارية، �إن القانون يجب أن يشمل العديد من شركات المشروبات الأخرى، كمصنعي الحليب بالشوكولاتة، ومشروبات الطاقة، وعصائر ال�اكهة. لكن كما أشارت «ماريون» �ي كتابها «سياسات الأطعمة»: «أن هناك بعض الدواعي السياسية لا تتحقق بالضرورة»، �الضريبة على المشروبات المحلاة ستسبب خسائر �ادحة، وربما سقوط صناعة منتجات الألبان، والتي لن يتحمل أي م�شَرّ�ع مسؤولية �رضها.