المحتوى الرئيسى

مترجم كيف تصيب مواقع التواصل الاجتماعي مستخدميها بمشاعر الإحباط والحسد

ما الذي يدفعك لتصفح موقعك المفضل من بين جميع مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل هو دافع داخلي لمعرفة المزيد من المعلومات عن أُناسٍ لم تعد تلتقي بهم؟ أم أنك تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك والإنستغرام مجرد وسائل لتستعرض أفضل ما لديك؟

لنفترض أنه في عالمٍ عقلاني ربما يحاول الناس دائمًا زيادة مشاعرهم الإيجابية إلى أقصى حد ممكن، لذا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ليعززوا من ثقتهم بأنفسهم، ويزيدوا من سعادتهم. لذلك، لا ينبغي عليهم التنقل في حسابات أشخاص آخرين يستعرضون بما لديهم، وعلى الأرجح لا يعرفونهم من الأساس. إذا اتبعنا هذا المنطق في التفكير، ينبغي عليهم أيضًا أن يستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي ليخففوا من ضغوط حياتهم اليومية. فمن خلال تلك المواقع يمكننا ببساطة السفر إلى جزيرة بورا بورا الفرنسية أو حتى المكان المفضل للخروجات بالحي الذي نسكن فيه، وذلك من خلال منشورات ومشاركات الأصدقاء المسلية على المواقع.

كما أننا ندرك تمامًا أنه على الرغم من ذلك، بعض الناس ينخرطون في بعض الأنشطة السادية والتي تميل للتعذيب النفسي وتسبب الألم على مواقع التواصل الاجتماعي. ويبدو أن طريقة تعاملهم معها تأتي بنتيجة عكسية، فنحن ننجذب تلقائيًّا للمشاركات التي تظهر أصدقاءنا يفعلون أشياء لا نفعلها نحن عادةً. فعلى سبيل المثال نصاب بحالة تعرف بـ FOMO وهو الخوف من تفويت حدث ما. كما ينجذب الكثير منا أيضًا للتنقيب في حسابات أصدقاء الإنترنت، وصورهم وهم يتبخترون على شواطئ بورا بورا مثلًا، ونتساءل لماذا نحن عالقون في المنزل دون أي بدائل للترفيه سوى أماكن الخروج المعتادة المحلية؟

استنادًا إلى فكرة أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من المفترض أنهم في النهاية سيعرِضون عن تصفح صفحات أصدقائهم على شبكة الإنترنت في سأمٍ واشمئزاز عندما لم تعد تشعرهم سوى بالسوء، اشتركت كل من ميانجسوه ليم من جامعة سانجي، وإيهاوا يانج من جامعة ويمينز في سنة 2015، وشكلتا فريق بحث لمعرفة ما الذي يحدث تحديدًا في الفترة بين رؤية المستخدم لإحدى مشاركات الأصدقاء، وقراره بإغلاق النافذة.

أنواع المقارنة الاجتماعية

تقول ليم ويانج إن قراءة المنشورات تؤدي بطبيعة الحال إلى الانخراط في عملية مقارنة اجتماعية، حيث نقيَّم موقفنا في علاقاتنا ونقارنها بمن ينشرون صورهم أو منشورات عن حياتهم. هناك نوعان من المقارنات الاجتماعية؛ هناك مقارنات اجتماعية صاعدة، وفيها تقارن نفسك بمن هم أفضل منك، وفيها تحاول أن تكتشف ما الذي يفعلونه، ثم تحاول التحسين من نفسك. وهناك المقارنة الاجتماعية الهابطة، وفيها تحاول أن تصل لشعور أفضل وسعيد عن طريق محاولة رؤية مدى تفوقك على الآخرين.

فيسبوك يغير طريقة عمل المقارنات الاجتماعية، لأنه يعمد إلى إظهار الجزء المتفاخر بداخلنا. وبدلًا من الاستلهام من الشخص والرغبة في أن يتحسنوا مثله، يبدأ المتابعون في الاعتقاد أنهم يعانون من خطب ما. للأسف، لا أحد يجبرهم على البقاء في الموقع. لذا فكلما أصابتهم التعاسة بسبب منشورات شخص ما، يتحولون سريعًا لمنشور آخر أو ربما لموقع آخر. وكما تقول ليم ويانج: “النمو غير المسبوق في خدمات شبكات التواصل الاجتماعي قابَلَه بالضرورة زيادة شحٍّ معرفي يتسبب في اتخاذ قرارات سريعة هوجاء”.

لماذا مشاعر الخزي أو الحسد؟

ما هو تسلسل الأحداث الذي يؤدي بالناس لقرار التوقف عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عندما يواجهون أي معلومات تشعرهم أنهم ناقصون وليسوا كافين؟ تقول هنا ليم ويانج إن الشعورين اللذين ينتابا الفرد حينها هما: الخزي والحسد. كمستخدم ستختبر الخزي عندما تشعر بالإهانة، وأنك ناقص وبلا قيمة. أما الحسد تختبره عندما ترغب في ما لدى الآخرين، سواء تحقيق إنجاز ما أو مجرد تملك شيء.

كنتيجة لتلك المشاعر السلبية، مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي إمَّا أن يقرروا غلق المشاركات المهينة على الموقع، وربما أن ينصرفوا إلى مكان آخر(أي تبديل الغاية)، أو أنهم يشعرون بتملك تلك المشاعر منهم ولا يمكنهم تحملها أكثر فيصيبهم الإنهاك العاطفي.

باستخدام عينة مستخدمين من الإنترنت، مكونة من 449 طالبًا جامعيًّا بكوريا، أغلبهم في أوائل العشرينات، فحصت ليم ويانج أثر المقارنات الاجتماعية السلبية على مشاعر الحسد والخزي. كما درستا إلى أي مدى سيساعد ذلك في التنبؤ بقراراتهم بأن يتوقفوا عن استخدام موقع التواصل الاجتماعي، استنادًا إلى فكرة تبديل الغاية أو الإنهاك العاطفي.

أظهرت النتائج أن المقارنات الاجتماعية السلبية والتي تشعر فيها بالنقص نتيجة مقارنتك نفسك بأصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي، تميل لاستثارة مشاعر الحسد أكثر من استثارتها لمشاعر الخزي. الشعور بالحسد أدَّى بالمستخدمين إلى اتخاذ قرار الانتقال لصفحة صديق آخر أو موقع آخر. أما الشعور بالخزي بدوره استفز الشعور بالإنهاك العاطفي أو بعبارة أخرى مشاعر الإنهاك والانهزامية.

شعورك بالخجل من نفسك قد يؤدي إلى تجريدك من أخلاقياتك ويصيبك باليأس. ستستنتج أنك لن تكون بجودة الناس على مواقع التواصل الاجتماعي مهما حاولت. إذا شعرت بالحسد على العكس من ذلك، ستقوم فقط بإغلاق المنشورات التي تشعرك بالإهانة، ثم ستذهب إلى مكانٍ آخر لتسلية نفسك عوضًا عن جلدها بسبب نواقصك.

إذًا تحتم عليك الاختيار بين الانتقال لموقع آخر أو التخلي عن اليأس، سيبدو حينها واضحًا أن خيار الانتقال يبدو أكثر ملائمة لحالة المقارنة الاجتماعية السلبية التي -للأسف- ربما يستحثها الفيسبوك. فتوصلت ليم ويانج إلى استنتاج: “لذلك يجب على خدمات الشبكات الاجتماعية أن تتفحص مستخدميها، وأن تنتبه ألا يختبروا مشاعر اليأس والإحباط على شبكة الإنترنت، من خلال طرق فعالة ونَشِطة مثل الحجب أو تجنيبهم الأشخاص الذين يشعرونهم بالدونية”.

ربما يتولد لدينا نوع من الصفات الإدمانية حيث نميل لمشاهدة ما يشاركه أصدقاؤنا على الفيسبوك، حتى لو كانت منشوراتهم تشعرنا بالسوء تجاه أنفسنا. إلا أن تلك الدراسة تبين أنه من المهم أن تقول “لا” أحيانًا.

فما الحل؟

جوهر الدراسة يتمثل في فكرة: إذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي تشعرك بافتقارك لصفاتٍ مهمة، على الأغلب لن تتمكن من تحويل تلك المشاعر بما يعود عليك بالنفع، كأن تحفز نفسك على بذل مجهود أكثر في تحسين نفسك. لذا، بدلًا من ذلك، افعل ما تفعله عادة في حالة مشاعر الحسد، أغلق الموقع. ثم اخرج واستكشف العلاقات في الحياة الواقعية، حيث يتشارك الناس غالبًا مشاعرهم الحقيقية بدلًا من محاولة إبهار الآخرين والاستعراض أمام جمهور الإنترنت.

مشاركة الخبرات الحقيقية، وليست التي تم تصميمها وإخراجها على مواقع التواصل الاجتماعي، ستساعدك في إدراك الإشباع الحقيقي الذي تمدك به شبكات التواصل الاجتماعي الصادقة.



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : منوعات

المصدر : ÓÇÓÉ ÈæÓÊ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا