المحتوى الرئيسى

الخادمة التي تكسر الأشياء مجرمة من الدرجة الأولى

"متغربين إحنا متغربين تجري السنين وإحنا جرح السنين"لا أدري لماذا كلما سمعت هذا المقطع بصوت وائل جسار، أتذكر ملامح وجه خادمتنا الحزينة، أو بالأصح ملامح وجوه جميع الخادمات اللاتي قابلتهن في حياتي.يكاد لا يخلو بيت من خادمة اغتربت عن وطنها، وتركت كل ما تحب من أجل لقمة العيش، ومن أجل أن ترجع إلى وطنها بأموال تحميها هي وعائلتها على الأقل من موت البرد. ولكن هناك من يجرحها ويذلها بتصرفات قد لا تستوعب مدى قسوتها، وكيف أنها قد تجعلها ترجع إلى وطنها وهي تحمل جرح السنين!

الدمعة التي أوجعتني

عندما كان عمري ما يقارب 15 سنة، فقدت شيئاً ثميناً على قلبي، ما جعلني أفقد أعصابي وأتهم الخادمة فوراً بسرقته، ووبختها أمام جميع من في البيت، لا أنسى أنها حينها لم ترد علي إلا بدمعة عابرة، تركت جرحاً عميقاً في قلبي إلى يومي هذا.وما أثار غضبي على نفسي أن الشيء الذي فقدته وجدته بعد فترة خلف سريري، قد سقط دون ذنب من الخادمة سوى أنها كانت في وجه المدفع.

يريدون منها أن تكون "لا أرى لا أسمع لا أتكلم"

كم من مرة رأيت خادمة تجلس على طاولة وحدها، وعندها أكل متواضع من خارج المطعم وكأنها منبوذة، بينما على الطاولة المجاورة العائلة التي تعمل عندهم مجتمعة على مائدة ضخمة، كل واحد من أفرادها يحلف على الآخر أن يأكل ويطلب المزيد!كم من مرة كسرت الخادمة صحناً أو تحفة أو أي شيء دون قصد ووصفتها كفيلتها "بالمجرمة"؟ وكم من مرة هددتها بعنف بالخصم من راتبها الزهيد الذي لا يكفي حاجتها.كم من مرة أخفت العائلة الطعام عنها حتى لا تأكل فوق حاجتها، بينما هم لا مانع من أن يأكلوا فوق حاجتهم.كم من مرة حالما يفقد أحد أهل البيت شيئاً، لا يخطر على باله سوى الخادمة، ويسرع نحوها للتحقيق معها، وكأنها مجرمة عليها سوابق لم تقترفها.كم من مرة يختفي سلك الشاحن أو ريموت التلفزيون، وفوراً يغضب الكفيل ويصرخ: "أكيد الخادمة شالته"، ولا تكون هي، إنما أحد أفراد المنزل.كم من مرة لا يسألها أهل البيت كيف حالك اليوم؟ هل ينقصك شيء؟ إنما فقط "افعلي، قومي، أسرعي شيلي"، إلى ما لا نهاية من الأوامر.وكم لا تنتهي! ولكن، صدق جبران خليل جبران عندما قال: "يمدحون الذئب وهو خطر عليهم, ويحتقرون الكلب وهو حارس لهم, كثير من الناس يحتقر من يخدمه, ويحترم من يهينه".

رسالة أخيرة

لا تخدعك رقة قلبك! فأكثر ظلم الناس بسبب ظن الظالمين أن قلوبهم طيبة ورقيقة، إلى درجة أصبحوا فيها يظلمون الآخرين دون وعي منهم، وكما كتب محمد الرطيان: "الظلم يجعل المخالب تنمو على أطراف أكثر الأنامل رقة".


لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : غرائب وطرائف

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا