المحتوى الرئيسى

رغم الحرب الأمريكية على أفغانستان المرأة لا تزال عورة

لا شك أن مبدأ العدل لم يطبَّق بالكامل فى جميع أنحاء العالم، فلا يزال على هذه الأرض بقاع لا تطبّق مبدأ المساواة بين الجنسين. وتعتبر أفغانستان رائدة جميع الدول فى اضطهاد المرأة، فلا تزال تعانى المرأة هناك من كل أشكال الظلم والتعذيب التى تتنوع ما بين ضرب وجَلَد أو حتى القتل، فمن المؤسف حقًّا أن تعيش المرأة فى بلد مثل أفغانستان، ومن المؤسف كذلك أن يعيش الرجل فى مجتمع يمارس ضغوطا قاسية ضد المرأة.

 

وفى تقرير نشرته مؤخرا منظمة «حقوق الإنسان» اتضح أن كثيرا من نساء أفغانستان يعانين من الأمية مقارنة بالرجال، كما تقع المرأة هناك ضحية للعنف والاغتصاب من قبل الرجل دون أن يخضع لطائلة القانون إذا تزوج منها، كما أن 54% من المتزوجات تقل أعمارهن عن 15 عاما، وتموت واحدة منهن كل نصف ساعة بسبب الولادة فى سن مبكرة، ولذلك تعتبر أفغانستان من البلاد الأعلى فى معدل وفيات الأمهات حول العالم.

 

وتتعدد أسباب اضطهاد المرأة الأفغانية، فبعضها سياسى وبعضها تاريخى يرتبط بالعادات والتقاليد، ولعل ظهور حركة طالبان فى أفغانستان يعد أحد الأسباب القوية فى تدهور حال المرأة هناك، فمنذ إجبار المرأة على ارتداء البرقع أصبح حاجبًا بينها وبين العالم، واتسعت الفجوة وقتها فى الحقوق بين الرجال والنساء، حيث لم يكن مسموحا بتعليم المرأة بعد سن الثامنة، كما أنها كانت مجبرة على الزواج فى سن مبكرة، وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن 80% من الزيجات الأفغانية تتم قسرًا.

 

وقد ساء وضع المرأة كثيرا فى ظل وجود «طالبان»، فلم يكن مسموحا للمرأة بالسير فى الشوارع بمفردها أو دون ارتداء البرقع، ولم يكن مسموحا لها كذلك بالاختلاط بالرجال الغرباء تحت أى ظرف أو الذهاب لرؤية طبيب دون وجود محرم، وهو ما تسبب فى أن 90% من حالات الولادة تتم فى المنزل بالطرق التقليدية وليس على أيدى أطباء متخصصين، وهو ما عرَّض حياة الكثيرات للخطر، وفى عهد «طالبان» أيضا لم يكن مسموحا للإعلام بتداول أى صور للمرأة فى الصحف أو المجلات أو التليفزيون، فكانت المرأة فى حد ذاتها تشكل «عورة» للمجتمع الأفغانى يسخر منها الرجال ويحاولون إخفاءها قدر الإمكان.

 

وعلى الرغم من سقوط حركة طالبان إثر الحرب الأمريكية على أفغانستان فى عام 2001، والتى وضعت المرأة ومساواتها بالرجل أحد أهدافها، فإن المرأة لا تزال مضطهدة هناك، فلم تؤثر الحرب الأمريكية على وضع المرأة الأفغانية بالدرجة التى كانت متوقعة، حيث اعتقد كثيرون أن المرأة ستتحرر من كل القيود والضغوط بمجرد سقوط تلك الحركة، إلا أن هذا ليس صحيحا، فلا يزال الأفغانيون حكومة وشعبًا، رجالا ونساءً، يمارسون ضغوطا عنصرية هناك، وكان آخرها قيام مجموعة من النساء والرجال بسحل امرأة حتى الموت بزعم حرقها للقرآن، وقد تبيَّن بعد ذلك أنها بريئة، فعلى ما يبدو أن العادات حلّت محل «طالبان» هناك، ففى حين كان ارتداء البرقع فرضا فإنه لم يصبح الآن كذلك، ومع ذلك لا تزال يرتديه معظم النساء.

 

ولم تسهم الحرب الفكرية الأمريكية فى أفغانستان إلا فى ظهور بعض الحركات الفردية المطالبة بتحرير المرأة ومساواتها بالرجال، كما ظهرت المسيرات النسائية المطالبة بالمساواة، والتى تعتبر شكلا جديدا وغريبا فى أفغانستان، بالإضافة إلى السماح للمرأة هناك بالقيام ببعض الأعمال فى حين أنها كانت ممنوعة سابقا، وأصبح من حق المرأة هناك شغل بعض المناصب فى الوزارات ومجالس الدولة، وعلى الرغم من أنه ليس تقدما جذريا، فإنه وضع متقدم نسبيا عن ذى قبل.

 

وفى حين يرى البعض أن الحرب الأمريكية على أفغانستان كان لها دور فعال فى تحرير المرأة الأفغانية نسبيا، فإن آخرين يعتقدون أن تحرير المرأة لم يكن إلا هدفا وهميا من أمريكا لدخول أفغانستان، وربما يكون هذا الاعتقاد هو أحد أسباب ممارسة التمييز العنصرى ضد المرأة حتى الآن فى أفغانستان بدافع العِند وعدم السماح لأمريكا بتحقيق أهدافها فى أفغانستان، حيث يتذرع معظم الأفغانيين بأن أمريكا تسعى لتطبيق نموذج المرأة الغربى فى أفغانستان، وهو ما ترفضه عادات وتقاليد المجتمع برجاله ونسائه.



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : مرأة وموضة

المصدر :

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا