�ي سابقة تعد الأولى من نوعها اقتحمت وزارة الداخلية نقابة الصح�يين، وألقت القبض على الصح�يين عمرو بدر ومحمود السقا �ي أثناء اعتصامهم داخل النقابة، بسبب اعتراضهم على «ت�تيش ومداهمة قوات الأمن لمنزليهما»، وكانت التهم الموجهة لهما هي «التحريض على التظاهر �ي جمعة الأرض»، ولم ينته� الوضع على ذلك بل قرر النائب العام حظر النشر �ي القضية.

ما حدث �ي نقابة الصح�يين طرح العديد من التساؤلات حول حرية الصحا�ة �ي مصر، وهل تقييد حرية التعبير والرأي والقوانين التي تصدر لتقييد حرية الصحا�ة، هل هي وليدة اليوم أم أنها ظهرت منذ ظهور الصحا�ة �ي مصر؟

محمد علي وأول قانون للرقابة على المطبوعات

كانت بداية ظهور الصحا�ة �ي مصر �ي عهد محمد علي �ي عام 1828 بإصداره لصحي�ة الوقائع المصرية
، وشهد عهد محمد علي صدور أول قانون للرقابة على المطبوعات، يمنع �يه الأجانب �قط من دون المصريين، من طباعة أي كتاب إلا بعد صدور إذن بطباعة هذا الكتاب من محمد علي ن�سه، ويعود السبب وراء ذلك قصيدة «ديانة الشرقيين» لبيلتي، والتي كانت تدعو إلى الإلحاد مما أثار غضب محمد علي وجعله يصدر هذا القانون.

محمد علي باشا إنشر

قانون ترخيص طباعة الكتب وإصدار الصح� �ي عهد سعيد باشا

شهدت الصحا�ة �ي عهد سعيد باشا العديد من القيود، حيث أصدر قانونًا ي�رض على كل من يريد طباعة كتاب أن يحصل على ترخيص من «نظارة الداخلية/ وزارة الداخلية»، ي�يد بعدم مخال�ة الكتاب لسياسة الدولة والأعرا� الدينية، بالإضا�ة إلى منع إصدار أي صحي�ة أو مجلة بدون ترخيص من «نظارة الداخلية»، ومن يخال� ذلك يتعرض لمصادرة الصحي�ة وغلق المطبعة.

الخديوي تو�يق: قانون الرقابة على المطبوعات

تعتبر �ترة حكم الخديوي تو�يق من أسوأ ال�ترات على الصحا�ة، �قد بدأ الأمر بترحيل جمال الدين الأ�غاني خارج البلاد بسبب مهاجمته للاحتلال البريطاني �ي مصر، بجانب قيام الخديوي تو�يق بغلق صحي�تي «مصر»، و«التجارة» لأديب إسحاق، لتمثيلهما تيار المعارضة �ي مصر.

و�ي عهده صدر قانون الرقابة على المطبوعات، من أجل مراقبة ومصادرة وإغلاق الصح�، وطبق هذا القانون على المصريين دون الأجانب بحكم الامتيازات، ولكن بعد سنوات أهملت الحكومة هذا القانون، وعاد الناس من جديد لإنشاء المطابع ونشر الكتب.

الخديوي تو�يق إنشر

بدأ عهد عباس حلمي الثاني بدون تقييد للصحا�ة، لكن لم يستمر هكذا كثيرًا، حيث أصدر مجلس الوزراء برئاسة بطرس غالي �ي 1909 قرارًا، بإعادة العمل بقانون المطبوعات الصادر �ي عهد الخديوي تو�يق للمراقبة على الصح�، وحدثت المظاهرات الرا�ضة للقانون، ولكن انتهت بدخول المتظاهرين السجن، وعادت القيود مرة أخرى على حرية الصحا�ة.

صدور المرسوم بإنشاء نقابة الصح�يين �ي عهد الملك �اروق

�ي عام 1939 أصدر الملك �اروق مرسومًا ملكيًّا بإنشاء نقابة للصح�يين، و�ي عام 1941 شهد وجود النقابة على أرض الواقع، إلا أن ذلك لم يمنع وضع قيود على حرية الصحا�ة �ي عهده، حيث �رضت الرقابة على الصح� �ي الحرب العالمية الثانية وحرب �لسطين وحريق القاهرة .

عبد الناصر.. عهد الثورة وتأميم الصح�

يعتبرمن أكثر العهود تقييدًا لحرية الصحا�ة �ي مصر، �قد أغلق �ي عهده عدد كبير من الصح�، والحكم على أصحابها بتأميم ممتلكاتهم مثل جريدة «المصري»، بالإضا�ة إلى إغلاق صح� أخرى بحجة انتمائها لأحزاب ليست موجودة، وأصبح �ي مصر ثلاث صح� يومية �قط، هي: «الأهرام» و«الأخبار»، و«الجمهورية».

صورة المانشيت الذي قيل أنه السبب وراء تأميم الصح� �ي عهد عبدالناصر إنشر

و�ي 24 مايو(آيار) 1960 صدر قرار بتأميم الصح� ومنع إصدار أي صحي�ة إلا بترخيص من الاتحاد القومي، ويعود سبب تأميم الصح� بسبب مانشيت كتب بطريقة خطأ على صحي�ة الأخبار «مصرع الس�اح»، «عبد الناصر �ي باكستان»، وهناك رأي آخر يرى أن �كرة التأميم كانت حاضرة قبل ذلك نتيجة للتحولات الاقتصادية للنظام الاشتراكي الذي اتبعه عبد الناصر.

السادات وثورة التصحيح

على الرغم من تولي الرئيس أنور السادات رئاسة تحرير جريدة الجمهورية �ي عهد عبد الناصر لكن بعد توليه الحكم بدأ الصراع مع الصحا�ة بداية ما سمي �ي عهده بثورة التصحيح، وكانت من نتائجه تحويل عدد من الصح�يين إلى وظائ� حكومية، ودخول الكثير منهم السجون، لكن بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وانطلاق سياسة الان�تاح الاقتصادي والسياسي، بدأت حرية الصحا�ة تظهر بعض الشيء، حيث سمح السادات للأحزاب بإنشاء صح�، ونتيجة لهذه الحرية القليلة بدأت المعارضة �ي الظهور حتى انت�اضة يناير (كانون الثاني) 1977، وصدورقانون العيب، مرورًا بأزمة سبتمبر (أيلول) 1981، والتي أدت إلى دخول الكثير من الصح�يين السجن، وتقييد حرية الصحا�ة.

قانون جرائم النشر �ي عهد مبارك

كانت أبرز الأزمات التي تعرضت لها الصحا�ة، �ي عهد الرئيس المخلوع مبارك هي أزمة قانون جرائم النشر، و�رض القيود على الصح� الحزبية والمستقلة، حيث صدر القانون رقم 93 لعام1995 ، «والذي حوى ست مواد، تضمن معظمها تعديلات لبعض مواد قانوني العقوبات، والإجراءات الجنائية، والقانون 76 لعام 1970 بإنشاء نقابة الصح�يين، بالإضا�ة لقانون الصحا�ة رقم 96 لعام 1996 الذي يمثل الت�ا�ًا حول القانون 93»، وكان يحتوي القانون الجديد على تشديد �ي تطبيق عقوبة الحبس للصح�يين �ي قضايا النشر.

ونتيجة لذلك احتجبت الصح� باستثناء الصح� القومية �ي عهده ثلاث مرات، مرة �ي عام 1995 بسبب تغليظ عقوبة الحبس �ي جرائم النشر، و2006 بسبب استمرار العمل بقانون الحبس �ي قضايا النشر على الرغم من وجود تعديلات على قانون العقوبات، و 2007ر�ضًا لتعدي الحكومة على حرية الصحا�ة، بسبب إصدارها أحكامًا على بعض الصح�يين ورؤساء التحرير لإهانة أعضاء الحزب الوطني المنحل وتحري� تصريحات لبعض قيادات الحزب، بالإضا�ة إلى حبس بعض الصح�يين، وإغلاق العديد من الصح� �ي ال�ترة الأخيرة من عهده مثل الدستور، الشعب ، حزب العمل.

دستور 2012 ور�ض إلغاء عقوبة الحبس �ي قضايا النشر

لم يختل� الوضع كثيرًا بالنسبة لحرية الصحا�ة �ي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي حيث جاء دستور 2012 ليؤكد على تطبيق عقوبة الحبس للصح�يين �ي قضايا النشر، والسماح بإلغاء تراخيص الصح�، ور�ض استقلال الصح� ووسائل الإعلام بالإضا�ة إلى وضع قيود على حرية الإبداع.

و�ي عهده أيضًا أصدر مرسي قرارًا جمهوريًا بإلغاء الحبس الاحتياطى للصح�يين، بعد تعديل المادة 41 من قانون الصحا�ة رقم 96 لعام 1996 ونص القرار على «إلغاء الحبس الاحتياطي للجرائم التي ترتكبها الصح�»، �قط وصدر هذا القرار، بعد صدور قرار قضائي بحبس إسلام ع�ي�ي رئيس تحرير جريدة الدستور احتياطيًا بتهمة إهانة الرئيس.

السيسي وقانون الإرهاب

لم يتغير الوضع كثيرًا بعد عزل مرسي حيث جاءت مرحلة هامة وهي دستور يناير (كانون الثاني) 2014، والذي جاء ليؤكد على «الإبقاء على بعض المواد التي تجيز الحبس �ي بعض قضايا النشر والإبداع، وتجاهل المادة الخاصة التي تجيز حق الإعلاميين والصح�يين �ي الحصول على المعلومات».

ويأتي عهد السيسي ويؤكد هو أيضًا على تقييد حرية الصحا�ة بإصداره لمشروع قانون الإرهاب، الذي أثار ضجة كبيرة بعد الإعلان عنه من جانب الصح�يين والنقابة ن�سها، خاصة �ي المواد المتعلقة بالصحا�ة، ولعل أبرز هذه المواد هي المادة 33، والتي تعد بمعاقبة الصح�ي بالحبس لمدة لا تقل عن سنتين �ي حالة نشر أي أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخال� البيانات الرسمية، ويأتي إصدار هذا القانون بعد الهجمات الأخيرة على سيناء �ي يوليو (تموز) 2015، ونشر الصح� أخبارًا مخال�ة عن التي نشرها بيان القوات المسلحة، ولكن تم تعديل القانون بعد ذلك، وأصبحت العقوبة غرامة تتراوح ما بين 200 أل� و500 أل� جنيه.