يبدو أن نبوءة �يلم «the day after tomorrow» ستصبح حقيقةً �ي وقت أقصر مما كنا نتخيل. ال�يلم الأمريكي تحدث عن حدوث عاص�ة عالمية كبرى م�اجئة، �ي الوقت الذي كان العلماء يظنون أنها ستحدث بعد عدة قرون. هذه العاص�ة التي ربما تضرب الأرض تأتي كرد �عل على ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة ذوبان الجليد القطبي.

وكما حدث �ي ال�يلم، �إن العلماء حاليًا توصلوا إلى نتائج مثيرة تشير إلى أن هذه العاص�ة العملاقة ستحدث خلال عدة عقود، وليس خلال عدة قرون كما كانوا يظنون �ي السابق.

ما هي الت�اصيل؟

يحذر علماء المناخ حاليًا من أن تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية قد تكون أكثر خطورة مما كنا نظن �ي السابق. هؤلاء العلماء يحذرون بال�عل من وقوع «عاص�ة قاتلة»، وارت�اع مستوى البحار والمحيطات إلى حدّ� كبير، ما قد يؤدي إلى ذوبان كميات كبيرة جدًّا من الجليد �ي القطبين خلال وقت أقل مما كان العلماء يعتقدون.

و�ي ورقة بحثية تم نشرها مؤخرًا بعنوان «ذوبان الجليد، ارت�اع مستويات البحار والعواص� الكبرى»، جرت الإشارة إلى أنه، وبالوتيرة الحالية من حرق الوقود الأح�وري (الن�ط والغاز الطبيعي)، ومع استخدام الغازات المسببة للاحتباس الحراري بن�س هذه المعدلات القائمة الآن، �إن البشر على موعد مع حدوث تغير مناخي حاد قد يكون بمثابة نقطة اللاعودة للإنسانية جمعاء، على حد وص� البحث.

و�ي تصريحاته لصحي�ة الإندبندنت البريطانية، قال «جيمس هانسن»، عالم المناخ المتقاعد �ي وكالة ناسا ومدير جامعة كولومبيا الأمريكية وأحد المشاركين �ي وضع هذه الورقة المثيرة، إننا على وشك أن نمنح جيل الشباب الصاعد موق�ًا حرجًا خارجًا عن السيطرة دون إمكانية أن يجدوا حلًّا له.

رسم توضيحي 1 شمال الأطلنطي سيكون مسرحًا للعاص�ة الكبرى إنشر

مستوى البحار والمحيطات

بصورة� عام، �إن العلماء المتخصصين �ي مجال المناخ متوا�قون على توقع أن مستوى سطح البحار والمحيطات سو� يرت�ع بمقدار 20 – 30 قدمًا (من 6 – 9 أمتار تقريبًا) نتيجة ذوبان الجليد القطبي �ي خلال عدة قرون من الآن. لكن الورقة البحثية التي نشرتها المجلة الأمريكية لل�يزياء والكيمياء، قالت إن البحار والمحيطات سترت�ع إلى هذه المستويات بال�عل لكن خلال 50 عامًا �قط.

شرح عالم المناخ «هانسن» هذه الورقة البحثية قائلًا، إن «هذا معناه �قدان معظم مدن العالم الكبرى بكامل تاريخها». وهو ما سيكون أمرًا شبيهًا بقصة قارة أطلانطس الغارقة الأسطورية.

ويؤمن �ريق الباحثين الذي قاموا بنشر هذه الورقة والمكون من 19 عالمًا متخصصًا، بأن عملية ارت�اع مستويات البحار والمحيطات ستتسارع وتيرتها بعد أن ت�كوّ�ن المياه العذبة الذائبة من الجليد القطبي ما يشبه قبعةً تغطي قمة المحيطات (لاحظ أن المياه العذبة بشكل� عام أقل كثا�ة من المياه المالحة للبحار والمحيطات). هذه الطبقة العلوية من المياه العذبة ستوق� التيارات المائية التي تنشر المياه الد�يئة، وستمنع أيضًا بعضًا من الد�ء والحرارة من الهروب باتجاه الغلا� الجوي. سو� تقوم المياه الد�يئة المركزة بالطبع بإذابة كميات متزايدة من الجليد الموجود أس�ل مستوى البحار.

وقد حذر العلماء من حدوث خطر أكبر يتعلق بتوق� التيارات المائية الموجودة �ي شمال المحيط الأطلنطي والمحيط القطبي الجنوبي، �هذه هي المناطق التي ستظهر عندها العواص� العملاقة التي يخشاها الكثيرون. ويخشى العلماء من أن كميات المياه العذبة الكثيرة التي ذابت بال�عل بدأت �ي إيقا� التيارات العميقة �ي شمال الأطلنطي، و�ي المنطقة المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية.

وبهذا، �إن مدنًا مثل لندن ونيويورك من المتوقع أن تغرق تحت المياه قبل نهاية القرن الجاري، إذا لم يتم تقليص حجم انبعاثات الغازات المتسببة �ي ظاهرة الاحتباس الحراري.

عاص�ة سابقة

وقد درست هذه الورقة البحثية تأثير الاحتباس الحراري �ي كل من غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، وربطت احتمالية حدوث العاص�ة المتوقعة بعاص�ة سابقة حدثت منذ 120 أل� سنة ماضية، عندما كانت درجة حرارة الأرض أعلى قليلًا من الدرجة التي عليها الآن. هذه العاص�ة هي التي كانت مسؤولة عن إلقاء صخرة عملاقة باتجاه جزر البهاماس نتيجة أمواج المد العاتية التي ضربت المحيطات �ي ذلك الوقت.

وقد بدأ هذا التغير المناخي تحديدًا منذ 130 أل� عام، وانتهى منذ 115 أل� عام. و�ي ذلك الوقت كانت مستويات البحار والمحيطات أعلى مما هي عليه اليوم بمقدار 6 – 9 أمتار، وذلك �ي الوقت الذي كان �يه متوسط درجات الحرارة أعلى بمقدار درجة واحدة مئوية مما هو عليه �ي عصرنا الحالي.

تغيرات مناخية

وأظهرت دراسة مناخية صدرت عام 2013 أن متوسط درجات حرارة �صل الصي� �ي منطقة شرق كندا القطبية خلال المائة عام الأخيرة هي الأعلى منذ 44 أل� عام، وربما تكون أيضًا الأعلى منذ 120 أل� عام. ارت�اع درجات الحرارة هذا يتسبب �ي سرعة ذوبان الكتل الجليدية، بالإضا�ة إلى سرعة ذوبان الجليد �ي �صل الربيع؛ مما يؤدي إلى زيادة درجة الحامضية �ي المحيط القطبي الشمالي.

هذه الدراسة أثبتت بال�عل وجود تغيرات �ي التيارات المائية �ي المحيط القطبي الشمالي؛ مما يتسبب �ي ظهور بعض الأحوال المناخية المتطر�ة خصوصًا �ي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وقد أجريت هذه الدراسة على جزيرة تسمى «با�ين» �ي منطقة غرب غرينلاند، ويشير العلماء إلى أن الأنهار الجليدية الموجودة �ي هذه المدينة تنحسر بمعدل 6,5 – 10 أقدام كل عام، ويتوقع العلماء أن تنتهي هذه الأنهار تمامًا خلال بضعة قرون قادمة.

ليس هذا �حسب، �قد أشار بعض خبراء المناخ أن شهر �براير/ شباط الماضي هو الشهر الأكثر د�ئًا الذي تم تسجيله �ي التاريخ، ليت�وق بالتالي على شهر ديسمبر/ كانون الأول 2015. هذا الأمر يعني بوضوح أننا دخلنا إلى منطقة الأرقام القياسية التي تتحطم كل بضعة أشهر باستمرار. وقد أشارت دراسة سابقة إلى أن عام 2015 هو العام الأكثر د�ئًا الذي س�ج�ل �ي التاريخ، لكن العلماء يرجحون أن عام 2016 سيكون هو الأكثر د�ئًا بشكل عام مطيحًا العام السابق.

وكان البعض قد ربط �كرة الأشهر الأكثر د�ئًا التي تمر علينا هذه بظاهرة «إل نينيو» المناخية التي تضرب الأرض حاليًا مرجحين عودة الأمور إلى سابق عهدها. لكن بعض العلماء �اجؤونا أن ارت�اع درجات الحرارة هذه معناه أننا بدأنا نتخلص من ظاهرة «إل نينيو» وأن ارت�اع درجة الحرارة الذي نشهده الآن يأتي �ي المقام الأول بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.