المحتوى الرئيسى

مطعم ستار فيش في الغردقة إبداع

حين يتعلّق الأمر بالطعام البحري، فلا يُحدثني أحد عن حقوق الأسماك… هكذا صرح مسؤولو ستار فيش وهُم يفتتحون هذا الصرح التاريخي في أول شارع شيرتوان – السقالة – بالغردقة، هذا الصرح مُصنف على أنه أحد أهم إبداعات الطعام البحري الموجودة في مصر، ومن يقترب من هذا المستوى حقاً هو الأخ فارس في السوق القديمة بشرم الشيخ، ولكننا لسنا بصدد عقد مُقارنة الآن، فالأمر أشبه بريال مدريد وبرشلونة، ولكن دون مُباريات.

تقول القاعدة الذهبية «لا تأكل الطعام البحري إلا في مُدن ساحلية» وتقول الأسطورة أيضاً «إن من يبدأ قوياً ينهار سريعاً» وهو أمر صحيح هُنا في أغلب المطاعم إلا قلة فقط هُم من استطاعوا؛ إن لم يكُن التطور والإضافة، أن يُحافظوا على المستوى نفسه، هذا ما فعله ستار فيش، فمُنذ أن اصطدمت بهذا الصرح بينما أنا في الغردقة مُنذ أمد بعيد، وأنا أُحافظ على زياراتي المُتكررة لهذا المكان، ودائماً أجد ما يروقني ويجعلني أشعُر بالاستمتاع.

الأكل هو في الأصل أحد الطريقين: إما أن تُطبق النظرية الألمانية ولها أنصارها وأحترم وجهة نظرهم، وهو أن الطعام وسيلة للحفاظ على الحياة لا أكثر ولا أقل، أو أن تُطبق النظرية الفرنسية والإيطالية والتُركية والشامية والعديد العديد من المطابخ العالمية: أن الطعام وسيلة من وسائل المُتعة المُتعددة مثلها مثل الفنون التي تتنوع وتختلف ولكن تتفق في الهدف وهو الاستمتاع، هذا ما يُقدّمه ستار فيش، حين تذهب إليه فأنت ذاهب إلى الأوبرا أو إلى الكوليسوم، ولكنك لن تُتابع فنون مسرحية أو أوبرالية أو حتى ستُتابع مقطوعات موسيقية، أنت ستُتابع أحد الفنون المُثيرة، فمُنذ البداية وأنت تنزلق بهدوء عبر المدخل البسيط؛ ستبدأ حاسة النظر في استشعار الدفء المُحيط بك في المكان والديكور الراقي وطريقة عرض الأسماك وألوانها المُختلفة في لوحة فنية بهيجة، أنصحك أن تنتقل إلى الطابق الثاني حيث سترى أن المكان به فخامة تليق بالمستوى الذي يُقدمه والنظافة كذلك، فلن تصطدم عيناك بأي مناظر تُخرجك من شعور بالانسجام والتناغم، هُنا تبدأ حاسة الشم في التقاط آلاف من الروائح الشهية مع مرور العاملين بالمطعم حاملين ما تشتهي الأنفُس من قشريات مصنوعة بطُرق مُبتكرة لتتبادل العيون والأنف الاستمتاع، كما يتبادل ميسي وأنيستا الكُرة، هدوء سلاسة مُتعة وأخيراً هدف.

الأسعار غير مُبالغ فيها على الإطلاق، كُل شيء يبدو منطقياً، حين تتناثر حسناوات أوروبا الشرقية من حولك في المطعم ستشعُر بأنك في فيلم أجنبي أو أنك انتقلت إلى أحد المطاعم الأوروبية قبل أن ينتزعك مُدير الصالة من خيالاتك وهو يُقدم لك قائمة الطعام بطريقة مصرية أصيلة وابتسامة ودودة، وحين تبدأ في اختيار الأصناف تأكد من ألا تُسرف فكُل طبق يبدو أنه مُصمم ليصل بك إلى درجة الإشباع، وهُناك نصيحة رائعة أُحب أن أقدّمها دائماً وهي المُشاركة، فإذا كان عددكم كبير فتشاركوا في كيلو جمبري أو كيلو كالمياري أو سمكة كبيرة بالطريقة السنجاري أو المشوية زيت وليمون، وهُناك أيضاً السنجاري بالبطاطس، حيث تتوسط السمكة صينية بطاطس إذا كان العدد قليل، فحاول أن تحترس حتى لا تضطر إلى اصطحاب الباقي معك، فطعام البحر لا يُحب التجميد الكثير قبل الطهي أو بعده.

حين يُعانق المطبخ الإيطالي المطبخ الفرنسي والمطبخ المصري؛ مع بعض الابتكارات؛ فأنت أمام أحد الاحتمالاين: أن يكون الأمر عبثياً ولوحة سيريالية باردة الملامح، أو أن يكون الأمر (وااااو) ورائع وجميل، وهذا ما حدث في ستار فيش بالفعل، ودون مُبالغة؛ الأطعمة البحرية بالصوص الأبيض المُميز للباستات الإيطالية أضاف مذاقاً وهمياً، بينما كانت الوصفات الفرنسية رائعة كما هي وبمستوى احترافي مُميز، حتى الملوخية بالجمبري رائعة وأيضاً تحتوي على الجمبري (رواد البُرج وحلقة السمك سُيدركون) الأكل طازج لدرجة أنك قد تجد الشيف يُقدّم لك الجمبري المشوي؛ يتصاعد منه اللهب والبخار في حركة مدروسة تغري المزيد بخوض تجربة هذا الطبق.

بالطبع هُناك الكثير من عُشاق الطعام البحري؛ اتفقوا على أنه لا طعام بحري بدون شوربة فواكه البحر، حسناً: ستار فيش يُقدّم لك حلولاً غير مُتناهية من تلك الشوربة، فهُناك المخلية لعُشاق الإنجاز، وهُناك شوربة الجمبري لعُشاق الفسفور، ومنها أيضاً شوربة الشيف، وهي شوربة كريمة بالجمبري، وهي اختياري المُفضل بالمُناسبة، أما بالنسبة للطبق الجانبي فالاختيارات مُتعددة بشكل لا يوصف، فالأرز الأبيض والأحمر وبأنواع مُختلفة، أعشق منها الأرز بالجمبري بصوص الكاري، يا له من مذاق خُرافي، هُناك أيضاً الأنواع المُختلفة من المعكرونات بالطريقة الإيطالية أو بالطريقة التقليدية مع الجمبري والكاليمارين إذا كُنت وحيداً فلا تزد عن الشوربة والطبق الجانبي، فُهما أكثر من كافيان.

حينما نتحدث عن الطبق الرئيسي، يبدو الأمر مُعقداً للغاية، فمن بين الأسماك المُتعددة التي يتميز بها البحر الأحمر، أجد في نفسي ميلاً غريزياً ناحية الشعور والمُرجان، ولكن الناجل والقاروص من الأسماك الوهمية بلا شك، التردد في الاختيار قد يدفعك إلى الاتجاه نحو الطواجن العديدة من طاجن البطارخ إلى طاجن الكالمياري أو الجمبري، وقد تجد نفسك في نهاية الأمر تختار أنت والأصدقاء كيلو جمبري مشوي، حسناً ومن لا يعشق هذا الكائن الرائع.

لفترة طويلة كُنت أعتقد أن السلطات ما هي إلى خدعة من المطاعم كي تدفع أكثر، ولكن هذا الاعتقاد اختفى تماماً مع سحر سلطات ستار فيش، لذا أنصحك أن تنتقي بعناية ما تُحبه من تلك السلطات حتى لا ينتهي بك الأمر وأنت تتذوق وتتناغم معها تاركاً الأطباق الرئيسية، عن نفسي أنا لا أطلب إلا سلطة الرنجة فقط؛ فهي شيء خيالي الطعم، غالباً أنت ستكون بحاجة إلى بعض المشروبات أثناء الطعام، وأنصحك بطريقة الأطباء من أجل صحتك، ابتعد عن المشروبات الغازية واستخدم العصائر فهي طازجة ومُفيدة.

ستار فيش يُمثل بالنسبة إلي مقعداً في الكامبنو، أُتابع برشلونة وهو يتراقص مع المدريدين في لقاء السحاب، مكان نظيف إضاءة وديكور مُناسبين بدون ابتذال، حمامات رائعة، لا تنسى استعمال سائل القُرنفل بعد الانتهاء، ولا تنسى أيضاً غسل يديك جيداً قبل الطعام، فأنا أتعجب من أولئك الذين يستعملون الشوكة والسكين مع الأسماك، كما يتعجب الإيطاليون من أولئك الذين يتناولون البيتزا بالشوكة والسكين.

فريق الخدمة المُتفاني في خدمتك يستحق بالفعل الكثير من التقدير… وبالهنا والشفا.



لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : طبخ

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا