المحتوى الرئيسى

عازف موسيقى الهارمونيكا من منا لا يعشق اللعب

الآلة الموسيقية التي يعزف عليها البائع هي بان فلوت، لكنها معروفة شعبية، خاصة بين الأطفال باسم الهارمونيكا البلاستيكية.في عام 2014 وعلى وجه التحديد، أول أيام شهر الشمس النقي فبراير، وفوق أرصفة شارع 26 يوليو بمنطقة الزمالك، تراقصت أوراق الشجر والزهور الذابلة التي اعتادت الصمت إلى جانب أقدام المارة، كأن الحياة عادت إليها لا بفعل خطواتهم العنيفة أو الهواء الطلق، بل بفضل موسيقى وأنغام بائع وعازف الهارمونيكا البلاستيكية الشاب أحمد سمير، كما أطلق على نفسه.يسخر منه المارة مرددين: "كيف لرجل ضخم مثلك أن يسير وهو يعزف ويتراقص على أنغام لعُبة؟ أمازلت تعتقد أنك صغير؟!الأمر محبط، لكن سرعان ما يتبدل؛ حيث تقترب منه فتاة جميلة وتُثني على عزفه، وتطلب منه أن تأخذ الهارمونيكا التي يعزف عليها مقابل أي ثمن، يرقص قلب الولد فرحاً لا على أنغام موسيقاه بل من أثر كلام الفتاة، ويقرر أن يُهديها آلته من دون أي مقابل، خاصة وأنه يمتلك أُخرى. ترفض الفتاة وتصر على دفع ثمن الآلة، بل إنها أعطته أضعاف ثمنها، قائلة: "هذه النقود ليست للآلة بل للموسيقى التي خرجت منها، لا تترك لُعبتك أبداً".

عازف موسيقى على الهارمونيكا كسرةويحكي بائع الهارمونيكا البالغ من العمر 25 عاماً: "البداية كنت ماشي في شارع 26 يوليو في الزمالك، سمعت صوت موسيقى حلو أوي خارج من محل، دخلت وسألت عن الآلة واشتريت 2 منها، وفرحت أوي وقعدت ألعب وأعزف عليها كل الألحان اللي اتعلمتها وأنا صغير، ماكنتش مصدق إني بعزف عليها بالسهولة ديه، الناس شافتني تافه وضايقتني، بس كملت وفيه بنت صقفتلي وقالتلي أنت شاطر، وقررت من ساعتها تكون شغلتي أمشي في الشارع أعزف وأبيع هارمونيكا".

youtu.beيواصل قائلاً: "أخدت الفلوس اللي البنت ادتهاني وروحت اشتريت بيها كلها هارمونيكا، وبعتهم كلهم في اليوم نفسه". يعزف سمير مقطوعة من أغنية ماما زمانها جاية، ثم يكمل حديثه موضحاً، أنه تعلم الموسيقى وهو في سن المراهقة 15عاماً، على يد معلمه أستاذ نبيل الذي كان يسكن بالقرب من منزله، اعتاد الولد الذهاب إليه لتعلم العزف على البيانو، كما كانت له محاولات في العزف على الهارمونيكا لكنها لم تكتمل. لم يدرس الموسيقى ولا يريد حتى أن يدرسها، يعتمد فقط على أُذنين تستمعان إلى أي لحن موسيقي أكثر من مرة، وأحياناً مرة واحدة، ثم تبدأ محاولات عزفه على الهارمونيكا البلاستيكية، مشيراً إلى أنه حاول العزف على الهارمونيكا النحاسية وبيعها، لكن الأمر لم ينجح لأسباب عديدة. يقول: "ما كملتش تعليمي، وصلت لإعدادي بعد كده طلعت من المدرسة لأني ماكنتش عارف قيمتها كويس، واشتغلت في البيع والشراء من زمان لحد ما استقريت على بيع الهارمونيكا". أسرته لم تعترض على عمله، بل الناس في الشارع والمواصلات هم من يلومونه على العمل كبائع متجول وهو في ريعان شبابه، كثيرون ينصحونه بإيجاد عمل أكثر ربحاً وقيمة، إلا أنه لا يهتم كثيراً لما يقولون فقط يواصل عزفه راقصاً على موسيقى شمس الزناتي.

youtu.beويوضح طبيعة يوم عمله: "باصحى من النوم أروح الموسكي عشان أشتري دستة على الأقل من الآلة، أنزل في أي مكان من غير ما حدد, ساعات الزمالك أو العجوزة أو وسط البلد، وأفضل أعزف وأتنقل بين الشوارع وفي المواصلات. الناس في الأول كانوا بيرفضوني ويضحكوا عليا، بس مع الوقت بيسمعوا الموسيقى وبتعجبهم وبيبتدي يتكلموا معايا، خاصة لما يسمعوا أغنية بيحبوها، بيبتسموا وبيشتروا مني للأطفال". بنظرة إعجاب وكأنه البطل الخارق سوبر مان، ينظر إليه صغير لم يتجاوز عمره 8 أعوام، يقف بجواره ويتابع عزفه على الآلة، ما إن ينتهي من مقطوعته يضحك الطفل وينقض على سمير طالباً منه أن يشتري واحدة، متسائلاً في براءة: "هو أنا هقدر ألعب عليها زيك كده؟! هو أنت ممكن تعلمني".

youtu.beويؤكد سمير: "مش الأطفال بس اللي بيطلبوا مني أعلمهم، لأ، كمان كبار بيقولوا نشتري منك بس تعلمنا نعزف زيك، وسبحان الله فيه ناس بمجرد ما تشتري تلاقيها بتعزف موسيقى عليها بسهولة جداً، مرة واحد كان راكب عربية ركنها ونزل اشترى واحدة وعزف معايا، وفيه رجل عجوز كان قاعد على قهوة جنبي عزف عليها أول مرة تحب يا قلبي". من المشاكل والمضايقات التي تواجه العازف ملاحقة رجال الأمن له، ورفض الأهالي اقتناء آلة لأطفالهم رغم رغبة الطفل في ذلك ووصفهم للآلة بالصداع، نفاد الآلة لدى الرجل الذي يشتري منه، وأخيراً وقت دفع ثمن الآلة، حيث يجادل المشتري للحصول عليها بثمن أقل رغم إعجابهم بالموسيقى.

عازف موسيقى على الهارمونيكا كسرةأما أكثر ما يسعده أن يطلب منه الناس في الشارع عزف موسيقى أغنية معينة، وينجح في ارتجالها في الوقت نفسه من دون أي تحضير، أو أن يطلب طفل من والديه شراء الآلة فلا يرفضان له ذلك. في البداية تعلم عزف موسيقى ألحان أغاني الأطفال التي اعتاد سماعها، ومن أشهرها: ماما زمانها جاية، ذهب الليل وطلع الفجر، ثم تعلم ألحان أغان كثيرة منها: أول مرة وأهواك لعبد الحليم حافظ، والدنيا ريشة في هوا، وبعض مقطوعات عُمر خيرت والشريعي، وموسيقى فيلم شمس الزناتي. لم يكن الولد يتخيل يوماً، أنه سيبيع الآلة التي أحب العزف عليها صغيراً، لكن هذا ما حدث، وإعجاب الناس وحصوله على أموال مقابل العزف والبيع، دفعه للاستمرار في مهنة البيع. ويؤكد الشاب العشريني، لو جالي شغل تاني هبطل أبيع أي حاجة في الشارع، عشان أخلص من مضايقات رجال الأمن، وتدخل بعض الناس في حياتي، بس أكيد مش هبطل لعب بالهارمونيكا في أي مكان.


لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : منوعات

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا