شهدت الأيام الماضية حملة رقابية واسعة النطاق استهدفت سلسلة محلات بلبن الشهيرة المتخصصة في الحلويات ومنتجات الألبان، وذلك في إطار جهود السلطات الرقابية في مختلف المحافظات للحد من المخالفات التي تهدد صحة وسلامة المستهلكين.
وقد أعلنت أجهزة الرقابة في عدد كبير من المحافظات، منها الجيزة والقاهرة والغربية وبورسعيد، قرارات حاسمة بإغلاق العديد من فروع “بلبن”، وسط جدل كبير واهتمام إعلامي وشعبي واسع.
وذكرت منصة كله لك أن هذه الحملة تُعد من أكبر حملات التفتيش الغذائي التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن عدد الفروع المتأثرة بالإغلاق بلغ العشرات، إلى جانب قرارات صارمة تشمل غرامات ومحاضر بيئية وإدارية.
المخالفات الصحية في فروع بلبن
بدأت الأزمة بتقارير رقابية كشفت وجود مخالفات جسيمة تتعلق بسلامة الغذاء داخل فروع بلبن.
وأفادت فرق التفتيش التابعة لهيئات سلامة الغذاء ومديريات الصحة، بعدد من التجاوزات من بينها:
- سوء التخزين داخل المحال بشكل يعرض المنتجات للتلف.
- استخدام مواد غذائية مجهولة المصدر.
- عدم الالتزام باشتراطات النظافة والتعقيم.
- نقص كبير في مستندات التراخيص اللازمة للتشغيل.
- تشغيل بعض الفروع دون الحصول على موافقة الجهات المختصة.
وقد دفعت هذه التجاوزات المسؤولين في عدة محافظات إلى إصدار قرارات بالإغلاق الفوري، ومنها الجيزة التي شهدت غلق 12 فرعًا بالكامل، والغربية التي تم فيها إغلاق خمسة فروع دفعة واحدة، بجانب فروع أخرى في القاهرة وبورسعيد.
رد شركة بلبن على الاتهامات
في بيان رسمي أصدرته إدارة شركة بلبن، عبّرت فيه عن أسفها لما وصفته بـ”الهجمة غير المبررة”، مشيرة إلى أن ما تعرضت له من قرارات إغلاق لم يُمنح فيه أي فرصة لتصحيح الأوضاع.
كما أوضح البيان أن الشركة تعمل وفق منظومة مصرية خالصة، وتوفر آلاف فرص العمل.
وأكدت إدارة بلبن أن الإغلاق طال ما يقرب من 110 فروع ومصانع، وهو ما يُعد تهديدًا مباشرًا لمصدر رزق أكثر من 25 ألف موظف في مصر.
وأشار البيان إلى أن الشركة كانت على استعداد للتعاون الكامل مع الجهات الرسمية وتقديم ما يلزم من مستندات واستيفاء الاشتراطات، لكنها لم تجد استجابة فعلية، الأمر الذي تسبب في خسائر فادحة ووقف النشاط بشكل شبه كلي في جميع المحافظات.
دور الجهات الرقابية في ضبط السوق الغذائي
جاءت حملة الإغلاق في إطار تحركات أوسع من قبل أجهزة الأحياء والمحافظات للتصدي لجميع أشكال المخالفات في قطاع الأغذية.
فقد شهدت مدينة نصر بقيادة اللواء أحمد جودة، رئيس حي شرق مدينة نصر، حملة موسعة شملت غلق وتشميع عدة محلات منها فروع لبـن، إلى جانب محال أخرى لبيع الحلويات الشرقية، كافيهات، بلاي ستيشن، ومحلات عصائر تعمل بدون تراخيص.
- تنفيذ حملات يومية لرصد المحلات غير المرخصة.
- تحرير محاضر بيئية للمخالفين.
- إزالة التعديات والإشغالات من الشوارع الحيوية.
- ضبط منتجات غذائية غير صالحة للاستهلاك.
- مصادرة أدوات التقديم والعرض غير الصحية.
هذه الإجراءات تعكس توجهًا عامًا من الدولة نحو تطبيق أعلى معايير الجودة وسلامة الغذاء في جميع المحافظات، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لضمان حياة صحية وآمنة لجميع المواطنين.
تكرار المخالفات وبلاغات التسمم
رغم أن الأزمة بدأت بحادثة تسمم في مدينة الشيخ زايد، بعد تناول إحدى الأسر وجبة “رز بلبن” من أحد الفروع، فإن التحقيقات أوضحت أن القرار لم يكن مرتبطًا بحالة واحدة فقط، بل جاء نتيجة تراكم مخالفات سابقة موثقة من عدة جهات رقابية.
كما أن فروع الشركة في المملكة العربية السعودية شهدت إغلاقًا مشابهًا خلال شهر رمضان، بعد تسجيل حالات تسمم مماثلة، ما يعكس وجود أزمة عميقة في منظومة الجودة والسلامة لدى الشركة، بحسب تصريحات جهات سعودية رسمية.
مستقبل شركة بلبن وسط هذه الأزمة
تواجه سلسلة بلبن الآن مفترق طرق حقيقي، إذ بات عليها مراجعة نظام التشغيل بأكمله، بدءًا من ضبط جودة الإنتاج، مرورًا بتحديث البنية التحتية، وانتهاءً بالحصول على التراخيص المطلوبة والتعاون الكامل مع الجهات الرقابية.
فهذه الأزمة، وإن كانت قاسية، إلا أنها تمثل فرصة لإعادة الهيكلة وتعزيز ثقة العملاء من جديد في حال اتخاذ الخطوات المناسبة.
في ضوء ما تشهده البلاد من تكثيف الرقابة على المنشآت الغذائية، تبرز أهمية التزام جميع المؤسسات بمعايير الجودة وسلامة الغذاء.
وتؤكد منصة كله لك أن ما حدث مع سلسلة بلبن ليس إلا ناقوس خطر لجميع العلامات التجارية، فالثقة لا تُكتسب فقط من خلال الشهرة والانتشار، بل من خلال الالتزام الصارم بكل ما يحمي صحة المواطن المصري ويعزز من سمعة السوق المحلي.