المحتوى الرئيسى

هل تشعرين دائما بأنكِ لستِ أمًا جيدة

كل ما حققته أنا مدين فيه لأمي، كل نجاحاتي كان وراءها التنشئة الفكرية والأخلاقية التي تلقيتها منها.. جورج واشنطن

اقترنت الأمومة دائما بالحب غير المشروط والحنان والتضحية والعطاء والتفاني ونكران الذات، الأم هي ذلك الشخص الذي سيتخلى عن أي شيء لتكون بخير، وهي دائما بانتظارك لتضمك وقتما تحتاج، في زمن جداتنا كان أقصى طموح أية امرأة متعلمة أن تكون زوجة وأمًا صالحة، تقوم برعاية منزلها وتنظيمه وتتولى مهام الحياكة والطهي، لكن الأدوار الاجتماعية والمهنية التي أصبحت مطلوبة من المرأة في العقود الأخيرة لم تعد تكتفي بهذا، حتى أن بعض الجدات يقلن ” كم هو صعب على المرأة تحقيق النجاح!”، فنجاح المرأة في هذا العصر أصبح يعني أن تكون أمًا جيدة، وزوجة صالحة، وأن تحقق إلى جانب ذلك نجاحا مهنيا في عملها يضمن مساندتها المادية لأسرتها، وتحتفظ بعلاقتها مع مجموعة من الصديقات، وتحقق استقلالا معنويا واقتصاديا، وأن تخصص وقتا للقراءة والرياضة وممارسة بعض الهوايات، وتحتفظ بالرشاقة والحيوية دائما.

لستُ أما جيدة

ولعلك تركضين لتكوني تلك المرأة الناجحة، ولتحققي هذا التوازن، وبين كل المهام تعطين الأولوية بالتأكيد لرعاية طفلك، فتتابعين دراسته، وتتركين الهاتف بعيدا لدى وصولك للمنزل لتكوني معه هو فقط، وربما اشتريت له أحدث آيفون ليعوضه عن غيابك عنه، ونسيت جلستك المسائية مع زوجك للاستمتاع بمشروب دافئ لأن الحديث ينتهي بالخلاف حول مستقبل الطفل، ومع ذلك – ولأنه ليس بإمكان أحد أن يقوم بكل شيء – يلازمك شعور بالتقصير نحو طفلك في مواقف كثيرة: حين تسمحين له بأكل إحدى الوجبات السريعة، أو حين تقدمين له طعاما جاهزا كان بإمكانك تحضيره في المنزل، أو حين تجدين أنه لم يتقن بعد الحروف والأرقام وأن مهاراته أقل من الأطفال في عمره، وحين تضطرين لتركه يشاهد التلفاز لحين انتهائك من إحدى مهام العمل، وحين تتركينه في الحضانة لتتمكني من الذهاب إلى العمل، أو حين لا يكون لديك الوقت لاصطحابه للعب في الهواء الطلق.

 لا توجد طريقة لتكوني أما مثالية، لكن هناك ملايين الطرق لتكوني أمًا جيدة

الكثير من الكتابات تناولت هذا الشعور الذي يُسمى بـ “متلازمة الأم السيئة” وهو شعور الأم الدائم بالتقصير حيث تقارن دائما دورها كأم بالدور التقليدي للأم الذي كان يعني نكران الذات، وتكون المقارنة دائما في صالح الأم التقليدية، وبالتالي يلازم بعض الأمهات في هذا العصر شعور بالذنب، وأحيانا يلازم الآباء أيضا لكنه يشيع أكثر لدى الأمهات حيث يظل واجب رعاية الطفل والمنزل ملتصقا بالمرأة، وحين يتملكها هذا الشعور بالتقصير تلجأ الأم لتعويض الطفل عن غيابها أو تقصيرها بأمور مثل تجنب عقابه على بعض الأخطاء، غمر الطفل بالهدايا، وهنا تكبر المشكلة ويكبر معها الشعور بالذنب.

وينصحك الخبراء بالانتباه لعدة أمور في تربية طفلك للحفاظ على التوازن في حياتك كأم عصرية:

لا تسعي للكمال: دعي هذا الهاجس بأن عليك فعل كل شيء بشكل مثالي مع أطفالك، لن يحدث شيء إذا لم يستحم طفلك يوما، أو أكل وجبة من خارج المنزل. أن تكوني أما عصرية معناه أن يكون طفلك عصريا أيضا: يقوم بترتيب سريره لدى الاستيقاظ، يساعد في الأعمال المنزلية، ويعتمد على نفسه في واجباته المدرسية، ويمكن أن تشرحي له أن هذا من شأنه أن يساعدكما في قضاء الوقت معا في اللعب بدلا من مطاردته لأنه لم يقم بواجباته المدرسية مثلا. لا تكوني مهووسة بالنظافة: لدى عودتكِ للمنزل واكتشافك أنه ليس نظيفا ومرتبا كما تركته، لا تنهمكي في التنظيف والترتيب، فليس منطقيا أن يلمع البيت دائما ولديك طفل، لذلك دعي الأمر لوقت آخر ولتكن الأولوية لقضاء الوقت مع طفلك. تحلي بالصبر دائما: تذكري دائما أن الفضيلة الأساسية التي يجب أن تتحلى بها كل أم هي الصبر ، الطفل يلعب دائما ولا يهدأ، ورد فعلك الأفضل على أي خطأ من جانبه يجب أن يكون هادئا وأن تشرحي له لماذا يعتبر سلوكه هذا خاطئا. القادم أصعب فاستعدي: في الشهور والسنوات الأولى من عمره  يعتمد الطفل عليك في كل شيء، غذاؤه ورعايته الصحية، لكن الأصعب سيأتي حين يكبر قليلا وتبدأ شخصيته في التكون. احترمي اختياراته: الأم الجيدة يجب أن تهتم باهتمامات أبنائها حتى لو لم ترق لها، إذا أحب طفلك الموسيقى مثلا، عليك تشجيعه ومشاركته وتوجيه الأسئلة له لكي يحكي لك عنها، ومن المهم الانتباه لأننا لا نعيش حياة أطفالنا، ولا نختار لهم، هم من سيختارون طريقهم في الحياة، حتى لو كانت خلاف توقعاتنا، وعلينا تقبل اختياراتهم ودعمها. حافظي على علاقاتك: خصصي وقتا للخروج والحديث مع صديقاتك وسترين الأثر العلاجي الذي ينتج عن الحديث معهن، لا تتخلي عن عشاء رومانسي مع زوجك بين الحين والآخر، لا يجب أن يلازمكما الطفل دائما، خصصا بعض الوقت للتحدث معا ولمشاهدة أفلام الكبار بدلا من أفلام الكارتون التي تشاهدونها مع طفلكما باستمرار. احرصي على أن يكون لك مساحة من الوقت: خصصي ما  لا يقل عن نصف ساعة يوميا، تقرئين فيها أو تمارسين الرياضة دون أن يصاحبك صياح طفلك، علّميه أنك لست متاحة لإجابة طلباته كل الوقت، هذا من شأنه أن يمدك بطاقة أكبر لمواصلة العناية بالطفل، وسيعلمه الصبر والانتظار وأن هناك آخرين يحتاجون لاهتمامك.

كيف تتجنبين هذا الشعور

إذا شعرت بأنك تفعلين ما بوسعك ورغم ذلك يسيطر  عليكِ إحساس مبالغ فيه بالذنب، يقدم لك خبراء علم النفس بعض النصائح لتفكري فيها لتجنب هذا الشعور:     

لا تحاولي تعويض غيابك وانشغالك بالهدايا لأنها لا تعوضه، نعم لا يوجد ما يعوض حنان الأم، لكن الأمومة أحد أدوارك وليست دورك الوحيد، وهناك أشخاص آخرون في حاجة لاهتمامك على رأسهم أنت نفسك، لذلك انتبهي دائما إلى أنه ليس مهمًا قدر الوقت الذي تخصصينه لطفلك، الأهم هو إدارتك لهذا الوقت، والتفرغ فيه تماما للتواصل معه والاستماع له، ومشاركته الطعام أو مشاهدة فيلم جيد، وانتبهي إلى أنك إذا فكرت وأنت معه في الإيميل الذي يجب أن ترسليه لأحد زملاء العمل، وفكرتِ وأنت في العمل في تقصيرك مع طفلك فلن تنجزي شيئا في أي من الموقعين. لن يمكنك العناية بأحد إن لم تعتني بنفسك أولا، والأطفال سيشعرون بالسعادة حين يكون لديك حياتك التي ترضيك وطموحاتك التي تحققينها، بشكل أكبر مما يشعرون به إذا ما اخترت التضحية ونكران الذات. من السهل أن نصدق الأكاذيب حين تحاصرنا الضغوط ويتملكنا الضعف، لذلك أوقفي التفكير على هذا النحو فورا الآن، فضعفنا وأخطاؤنا وحتى فشلنا في بعض الأحيان ليس بالضرورة ما نحن عليه دائما، أنت أم رائعة، تخطئ أحيانا لكن القادم دائما أفضل. تجنبي المقارنة: لدى كل أم شيء مميز لتقدمه لطفلها، هناك من تمارس معه الرياضة، وهناك من تطبخ له أكلات رائعة، وهناك من تحافظ على المنزل مرتبا، وعليك أن تدركي أنه لن يمكنك أن تتقني كل شيء. ليس كل ما يحدث لطفلك مسؤوليتك وحدك: أنت تعلمينه القيم والاعتذار وحل المشكلات وأن يكون مرنا،  وتحرصين على اختيار المدرسة والنادي، لكن يبقى لأصدقائه ولما يقرؤه ويشاهده في التلفاز أحيانا تأثيرات كبيرة لا تقع تحت سيطرتك ولذلك أنت لست مسؤولة عن كل ما يقوله ويفعله. ستكون تربية طفلك هي نتاج أيام طويلة وليس اليوم فقط، ولا يمكن لأحد أن يكون مثاليا في كل شيء، وكل أم تمر بأيام لا تكون فيها قادرة على العطاء، لا مشكلة فلا تزال أمامك الأيام والأعوام للتأثير في شخصية الصغير وتقديم كل ما تودين تقديمه له، وحقيقة أنك مهتمة بالأمر تعني أن بوسعك وضع خطة أفضل للعناية بطفلك، لا تستسلمي إذن للشعور نحوه بالشفقة، واجعلي هذا الإحساس يقودك نحو تقديم الأفضل في المرات القادمة


لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : الاسره والصحة

المصدر : ÓÇÓÉ ÈæÓÊ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا