المحتوى الرئيسى

مذكرات مدخن سابق قصتي من أول سيجارة وحتى لحظة الفراق

لا أعلم ما السبب. ولكن كان هناك دائماً رابط في مجتمعنا بين التدخين والرجولة، أو بين التدخين والشخص العصبي الذي يحتاج إلى سيجارة لتهدّئه. لم أفهم هذا الرابط وأنا مُدخن، وبالتأكيد لا أفهمه الآن بعد أن تخلصت من هذه العادة المؤذية.ترددت كثيراً قبل كتابتي هذا المقال، ولكن في النهاية أردته أن يكون محاولة مني لإيصال صوتي إلى من لم يزل يؤمن بهذه الأوهام، كما أصفها أنا على الأقل، سأسرد لكم قصتي منذ البداية وحتى آخر رشفة من آخر سيجارة لم أكملها.

أول سيجارة

ولاعة Pixabayلا أخفيكم القول بأني كنت مراهقاً غاضباً، لا يعجبني شيء مما حولي وملول جداً إلى درجة أنني لا أبقى على الشيء نفسه لمدة طويلة.ولكن كان لدي شيء واحد لا أستطيع الاستغناء عنه ولا أملُّ منه وهو كوب القهوة، كان كوب القهوة عشقي الأول حتى حدث ما لم أتوقعه.والدي مدخن شَرِه، وقد يكون أكثر شخص يدخن بشراهة أعرفه، وأعرف الكثير من المدخنين، فكنت أجد الدخان في كل مكان في المنزل، جربته مرة أثناء طفولتي ولم يعجبني طعمه فنسيت الأمر.وفي يوم من الأيام خرجت غاضباً من المنزل بعد نقاش حاد مع والدي، المضحك في الأمر أنني لا أتذكر سبب النقاش وقتها، مما يعني أنه لم يكن مهماً من الأساس. فوجدت نفسي أقول: "دخن سيجارة وتهدى" كلمة سمعتها كثيراً في محيطي لم أدرك حقيقتها فأردت أن أجرب، ذهبت إلى المحل المجاور لمنزلي، الذي باعني علبة من الدخان بقيمة 4 ريالات من دون أن يلتفت إلى صغر عمري. دخنت السيجارة الأولى وتوهمت أنني الآن هادئ وكل شيء على ما يرام.

مدخن رسمي

عبداللهInstagram / blackbird_alkأقنعت نفسي بأنني أصبحت مدخناً بعد تلك السيجارة، فقد أعجبني الإحساس الغريب الذي شعرت به داخل رأسي عند ارتشاف أول سيجارة لي في الصباح، لم أدرك حقيقة الأمر وخطره.تعلمت من والدي أن أدخن بشراهة، حتى وصلت إلى تدخين 3 علب من التبغ يومياً، وبعد مرور عدّة سنوات بدأت إدراك أن التدخين يسبب لي التوتر الزائد، الشعور العابر بالهدوء ما هو إلا علامة تحدث للمدمن عندما يتعاطى مادة الإدمان والتي هي في هذه القصة السيجارة.بدأت أفكر جدياً في التخلص من التدخين، ولكنّي كنت أفعل ما يفعله كثير من المدخنين، أي أقنع نفسي بأنني سأقلع يوماً من الأيام ولكن لن يكون هذا اليوم الآن.

آخر كلمة

صور قديمةPexelsقبل إقلاعي بعدّة أشهر بدأت بشعور تأثير التدخين على لياقتي البدنية، فأنا أحب التمرين الرياضي وأتمرن بشكل يومي، فبدأت بالنزول من 3 علب حتى استطعت الوصول إلى علبة ونصف يومياً، استغرق الأمر منّي سنة كاملة لأتغلب على شراهتي.وفي يوم لن أنساه، كنت خارجاً مع أبي، طلب منّي أن أنزل إلى المحل لأشتري له 4 علب من الدخان، وقال لي بأن اشتري علبة لي أيضاً على حسابه. قلت له بأن لدي ما يكفي لآخر اليوم وبأنني أنوي الإقلاع قريباً. فقال لي: "لو تمكنت من الإقلاع عن التدخين يا عبدالله سأقلع أنا أيضاً، ولكن أظن أننا لا نستطيع ذلك".بعد مرور أسبوع على هذا التحدي، استيقظت صباحاً على خبر وفاة أبي أثناء تواجده خارج المدينة، هلعت لأول دقائق فلم أصدق أن ذلك صحيح، لا بدّ وأنها مزحة فأبي يبلغ من العمر 42 سنة فقط! بعد عدّة دقائق أدركت أنها الحقيقة، وقتها كنت أرتشف سيجارة، لم أكملها، أطفأت السيجارة بهدوء، وقطعت عهداً بأنها ستكون آخر سيجارة لي.والآن وبعد مرور 4 سنوات على إقلاعي عن التدخين، ما زلت أتساءل، هل تستحق تلك السيجارة كريهة الطعم والرائحة أن تدفع حياتك ثمنها؟


لا تنسى تقييم الموضوع

القسم : الاسره والصحة

المصدر : ßÓÑÉ

قد يعجبك أيضاً

اضف تعليق

فكرة الموقع : "كله لك" هو شراكة بيننا و بينكم ..دورنا : انتقاء أفضل الموضوعات المنشورة و المتداولة علي المواقع ... دوركم : تقييم المحتوي للتأكيد علي أهميته أو إرشادنا لحذفه

لمعرفة المزيد عن الموقع اضغط هنا